الخرطوم – بشير النور
روى السوداني محمد عبد الرحمن ديار لـ (سلا نيوز) قصة معجزة نجاته و18 سودانيا، من ابتلاع أمواج البحر الأبيض المتوسط في 20 يونيو/ حزيران الماضي، بينما لقي 58 مصرعهم غالبيتهم سودانيون، وهم يحلمون بالوصول إلى جنة الأرض أوروبا، عبر قارب يتبع لعصابة من المهربين.
محمد عبد الرحمن ديار يسرد لـ (سلا نيوز) قصة معجزة نجاته و18 سودانيا
يقول ديار، وهو من ولاية الجزيرة محلية الحصاحيحا (مكتب تورس) لـ (سلا نيوز) إنه بدأ السفر إلى ليبيا في شهر يوليو من العام 2017 عبر مدينة الجنينة بغرب دارفور، بالتنسيق مع عصابة مهربين.
وأضاف: “تمت العملية عبر عربة صغيرة لاندكروز أوصلتنا حتى مدينة الطينة التشادية ومنها إلى مدينة أبشي ثم منطقة كالعيد حيث تم (بيعنا) في الحدود السودانية الليبية بمقابل مادي لعصابة (تشادية ليبيبة) قامت بترحيلنا عبر سيارة إلى مدينة أجدابيا بليبيا، وبين كل منطقة لأخرى كانت العصابات تضعنا في منزل سري يسمى (التركينة) حتى وصلنا مدينة بنغازي ثم بعدها إلى الجفرة تليها العزيزية ثم رحل البعض لطرابلس وآخرين لمدينة الزاوية”.
تنسيق العصابات
ويوضح ديار أن عصابات التهريب لديها تنسيق مشترك بين السودان وليبيا، وتقوم بتحصيل مبالغ مالية في جميع مراحل التهريب من منطقة لأخرى، ومن لم يدفع من الضحايا ما تطلبه من مبالغ يضرب ويجلد ويهان، وكشف عن ضرب سوداني بحديدة ماسورة كسرت رجل أحد الضحايا.
وقال إن جميع عمليات التهريب تتم ليلا تخوفا من متابعات السلطات الأمنية.
التركينة
وقال ديار: “عندما كنت في مدينة طرابلس ومعي57 شخصا غالبيتهم سودانيون في منزل يسمى التركينة اتفقنا مع شبكة المهربين للسفر لأوروبا، حيث تم دفع 3500 دينار ليبي للشخص الواحد، لكن العصابة استولت على أموالنا ولم تفِ بوعدها لتهريبنا، كما تم طردنا وتهديدنا بالسلاح بواسطة مسلحين.
أوضاع قاسية
وأوضح ديار: “رغم الظروف الصعبة بليبيا قررت مع مجموعة سودانيين للمرة الثانية الهجرة إلى أوروبا وكنت أرغب في الهجرة إلى السويد أو النرويج، حيث تجمع 88 شخصاً بينهم 70 سودانياً، والبقية أفارقة مصريون ونيجيريون ودفع كل شخص 2500 دينار ليبي لعصابة التهريب.”
الهجرة الثانية
ويقول ديار: “في مساء يوم 20 / 6 / 2022 بدأت عملية تنفيذ الهجرة للمرة الثانية نحو أوروبا، حيث ركبنا قارباً يسمى (علوش)، بطول 4 أمتار، وبعد التحرك في مياه البحر المتوسط بنحو 2 كيلو لحق بنا قارب آخر به مسلحان وصدم قاربنا في المؤخرة، مما أدى لفتح (منفذ) أدى لدخول المياه ولحظتها (قفز) نحو 58 سودانيا إلى داخل البحر وابتلعتهم أمواج المياه في الحال، بينما نجا 18 سودانياً بفضل إتقانهم للسباحة، بينما قام صيادون بإنقاذ 4 آخرين.”
اضطراب كبير
وأشار ديار إلى حدوث اضطراب كبير بين الركاب لحظة غرق المهاجرين مع ارتفاع أصواتهم للإغاثة، وتابع “لكن إرادة الله أرادت أن يكون مصيرهم الغرق في البحر الأبيض المتوسط”.
ويوضح ديار سبب استهداف أصحاب القارب المسلح، لقاربهم من أجل سرقة محرك قاربهم الذي يقلهم نحو أوربا، لأن قيمته المالية 45 ألف دينار ليبي، وهو مبلغ كبير، حسبما أفاد.
وناشد ديار منظمة الهجرة الدولية والسلطات السودانية مساعدتهم للعودة إلى أهلهم في السودان. وقال:”لا أريد الهجرة مرة أخرى في حياتي وما شاهدته من معناة كبيرة في البحر الأبيض المتوسط سيظل محفورا بدواخلي في تاريخ حياتي”
يأس وغبن
بدورها رجحت المتخصصة في علم الاجتماع الدكتورة فاطمة الإحمير في تصريح لـ”سلا نيوز” لجوء الشباب للهجرة بالطرق غير الشرعية لأوروبا نتيجة للضائقة الاقتصادية السيئة بالبلاد، التي أوصلتهم لمرحلة الياس والغبن، اضطروا خلالها للمخاطرة بأرواحهم ومواجهة” الموت” من أجل الوصول إلى أوروبا.
وذكرت فاطمة أن غرق العديد من الشباب بالبحر الأبيض المتوسط خلال الفترة الماضية له انعكاسات نفسية متردية وممتدة على أسر الغرقي.
السواحل الإيطالية
وتمثل دولة ليبيا منطقة عبور رئيسية لعشرات آلاف المهاجرين غير الشرعيين الذين يعتزمون في كل عام التوجه نحو أوروبا عبر السواحل الايطالية التي تبعد نحو 300 كلم من سواحل ليبيا.
وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد سُجّلت 11 ألف عملية مغادرة من ليبيا بين كانون الثاني/يناير ونيسان/أبريل 2021، بزيادة قدرها 73% مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه.
وأكدت المنظمة الدولية للهجرة في منتصف تموز/ يوليو 2021 إن عدد المهاجرين الذين لقو مصرعهم في البحر المتوسط خلال محاولتهم بالهجرة غير شرعية الوصول إلى أوروبا، أكثر من الـ 900 شخص.