الخرطوم – عثمان الأسباط
احتفى (الحَوّاتة) بالذكري التاسعة لرحيل الفنان محمود عبد العزيز بشكل مختلف عن المألوف من مجرد كرنفال للغناء إلى موكب ثوري دعماً لمشروع (محمود) الذي غرس في النفوس الوطنية ومبادئ الصمود والبسالة.
وبالمقابل شارك محبو الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد (الحَوّاتة) في دعم الثورة وخرج المئات منهم دعماً لرسالة (أبو السيد) التي تدعم البسطاء والكادحين والمناضلين عبر مشروع قومي.
شبه البداية والفراق
من عجائب الصدف والأقدار أن يتزامن تاريخ رحيل محمود عبد العزيز (الحوت) مع الفنان الكبير مصطفى سيد أحمد في السابع عشر من يناير.
والبحث عن الروابط المشتركة التي تجمع بين الاثنين ليس بالأمر العسير، فكلاهما تمتع بخامة صوتية متميزة وأداء تطريبي عالٍ، بنكهة خاصة عميقة الأغوار، وكلا الفقيدين ارتكز في بداياته الأولى على مخزون الأغنيات السودانية القديم المتمثل في الحقيبة أو بواكير الأغنية الحديثة في تواريخها ما بعد سنوات الخمسينيات.
إبداعات مشحونة بالرسائل
واشترك محمود ومصطفى قبله في إبداعات مشحونة بالرسائل، إذ تميز مصطفى بتبشيره بخطه الاشتراكي الواعي، فتغنى لصالح الفقراء في: “عم عبد الرحيم، الحاج ود عجبنا” وأخواتهما فجاءت جماهيريته من وسط النخبة تدين وتعتقد في النظرية الاشتراكية.
أما محمود فإن سر جماهيريته الكاسحة يرجع إلى براعته في شمولية ذكية بالتغني لمجموعة من شرائح المجتمع البسطاء، السياسيين، المحاربين، الطلاب ومظاليم الهوى والغرام، فصنع بذلك فيضاً جماهيرياً زاخراً ومتنوعاً بتنوع مجالات غناء الراحل “الحوت”.
رحيل فاجع
واللافت للنظر أن الثنائي ابتلي بالمرض، الذي طالت أيامه مع سيد أحمد وعجل برحيل الحوت.
اعتراف بفضل الثنائي
يقول الأستاذ صلاح شعيب: “كانت التفاتة متميزة بأن تواكب المسيرات الثورية ذكرى وفاة مبدعين مهمين في تاريخنا الفني: الاعتراف بفضل الفنان مصطفى سيد أحمد، ومحمود عبد العزيز في وقت يشارك فيه جمهورهما العريض في التظاهرات”.
ويضيف :” الحقيقة أن جمهور الفنانين الذي دفع ثمناً غالياً للعيش في السودان هو الذي ما يزال له القدح المعلى في تشغيل ماكينة الحراك الثوري”.
وتابع: “بخلاف أن رمزهم الفني قد تمت إهانته، وجلده، في الفاشر، فمحمود عبد العزيز كان ملهماً لهذا الجيل الذي وجد فيه العزاء عند ظروف القمع، والتضييق، والتدجين”.