الخرطوم – أسامة عثمان
محمود مصطفى، هو مبرمج للهواتف السيارة، ظل طوال الأيام الأربعة الماضية يصل إلى مكان عمله بالخرطوم ويجلس دون أن يفعل شيئاً طوال الفترة التي تنقطع خلالها الخدمة منذ السابعة والنصف إلى الحادية عشرة صباحا .
ويقول: “إن البرمجة وهي مصدر زرقنا الوحيد التي تعتمد اعتماداً كلياً على الإنترنت، فالقطوعات غير المبررة لخدمات الإنترنت توقف عملنا بصورة مباشر”.
ويضيف محمود: “إن قطوعات الإنترنت بسبب امتحانات الشهادة الثانوية هي ضعف من الحكومة السودانية التي أضحت تقطع خدمات الانترنت في أي فرصة تتاح لها سواء امتحانات أو انقلابات وحتى مظاهرات”.
ويردف: “أصبح البعض يعمل (15) يوماً فقط في الشهر بسبب الكهرباء والانترنت المقطوعين، مما يزيد من معاناة المبرمجين في السوق العربي وجميع محلات البرمجة”.
ويتابع: “لا توجد دولة في العالم تقطع الإنترنت عن المواطنين من أجل الامتحانات، حال البلد لا يتحمل أي ضغوطات أخرى، يجب على الحكومة أن تعالج الوضع بعدم قطع الانترنت في حال الجلوس للامتحانات أو أي أحداث أخرى”.
**خسائر فادحة
ويقدر الخبراء الخسارات بسوق برمجة الهواتف السيارة في ظل انقطاع الانترنت خلال الفترة الصباحية لمدة 3 ساعات فقط بملايين الجنيهات يوميا.
وتشير الأرقام إلى أن عدد المبرمجين يقدر بآلاف المبرمجين في كل من أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري وبقية أنحاء السودان .
متوسط الخسارة

ويقول علي، وهو يعمل في سوق الشهداء في أم درمان إن متوسط الخسارة في الفترة الصباحية للورشة تقدر بـ(7-10) آلاف جنيه سوداني .
من خلال زياراتي المتكررة لعدة مجمعات للهواتف السيارة بالخرطوم في الأيام الماضية كانت هناك صورة راسخة في ذهني أن شريحة كبيرة ممن يعملون في برمجة الهواتف تجدهم متوقفين عن العمل مع الاستياء الظاهر على وجوههم من عدم توفر خدمات الانترنت لهم .
وترى الحكومة أن قطع الانترنت لمدة 3 ساعات في اليوم أثناء جلوس الطلاب السودانيين لامتحانات الشهادة الثانوية هو إجراء لا بد منه في ظل وجود مخاوف من تسريب الامتحانات عن طريق السوشال ميديا، كما حدث في العام 2018 لامتحان مادة الكيمياء .
وظلت الحكومة وبالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم تقطع خدمات الانترنت للعام الثالث على التوالي لمدة ثلاث ساعات بالتزامن مع أيام جلوس الطلاب لامتحانات الشهادة الثانوية .
وترى أن الشهادة الثانوية بمثابة أمن قومي وأن التسريب سيشكل تهديداً للأمن القومي السوداني .
**حلول مطروحة
ويقول أحد المتضررين من انقطاع الانترنت إن هناك حلولاً طرحت للحكومة لمشكلة تأمين الامتحانات من التسريب، ولكن الحكومة مضت في القطع من دون الرجوع للحلول المطروحة، ومن ضمن الحلول هناك مشوش للشبكة يغطي نطاقات واسعة تعد أكبر من قاعة الامتحان وأسعارها نحو 24 دولاراً فقط .
**حقوق تقنية
وترى نسرين علي، وهي نائب رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك، أن الإنترنت حق من الحقوق التقنية للمواطن ولا يمكن قطعه عنهم .
وقالت لـ”سلانيوز” “إن جمعية حماية المستهلك ومحامين متحدين تقدموا ببلاغين في شركات الاتصالات الثلاث التي تقطع خدمات الانترنت عن المواطنين، البلاغ الأول هو إعادة الخدمة وعدم قطعها والبلاغ الثاني هو تعويض المتضررين جراء قطع الخدمة “.
وتتابع نسرين: “المحكمة ستكون يوم الخميس القادم، وكل متضرر يمكنه أن يتقدم ببلاغ فردي أو يمكن أن ينضم لبلاغ الجمعية السودانية لحماية المستهلك”.
وأردفت: “إن التعويض سيكون فردياً إذا أثبت المتضرر من قطع الانترنت تضرره فعلا”.
وتضيف: “إن هناك خيارات لشركات الاتصالات بدل أن تقطع الانترنت يمكنها التشويش على مراكز الامتحانات، وهو خيار أقل تكلفة ومن دون أضرار على المواطن”.