آخر الأخبار

هَابيل “الجحفان”

الجميل الفاضل يكتب:

“إبراهيم مجذوب” شابٌ آخر في ريعانِ شبابه، من بواسلِ  “الجحفان”، ارتقى أمس الثلاثاء، ليتخذ موضعه كآخر العنقود بين شهداء مقاومة الانقلاب، في مقام الخرزة الخامسة والعشرين بعد المائة، بينهم.

فقد أغمض “إبراهيم” جفنيه على صورةِ قاتله، بزي الشرطة المعروف، وعلى كتفيه علاماتُ رتبته كضابطٍ يقود ميدانيا أعدادا من ضباط الصف والجنود.

التقيا القاتل والقتيل، علي قارعة الطريق وفي وضح النهار، “إبراهيم” شاهرا هُتافه، والضابطُ شاهرا سلاحه، التقيا وجها لوجه، قاتل وقتيل، “قابيل وهابيل”، قاتل يركضُ يُصّوبُ سلاحه، الذي دفعنا نحن ثمنه، أنا، وأنت، وهم، بل و”إبراهيم” نفسه وأبواه.

قاتلٌ لم يخف عزمه وشهوته للقتل، وقتيل نزع خوف الموت من قلبه.

استلقي الفتى علي قفاه، رافعا رأسه مصوبا عيناه الجريئتان نحو قاتله، متكئا علي ساعديه، مبرزا صدره العاري عاليا قليلا.

لقد اختار “إبراهيم” إذا أن يستسلم للقدر مستهزئا بالموت، مثلما اختار جده البعيد “هابيل” ذات الطريقة متحديا قاتله أخاه قابيل: “لأن بسطت إلى يدك لتقتلني مآ أنا بباسط يدي إليك لأقتلك”.

فأضحي “قابيل” أول النادمين الخاسرين، وأصبح “إبراهيم” رمز المقاومين السلميين هنا، آخر الفائزين الرابحين.

المهم فالتاريخ مذ كان، يصنعه هكذا صنفان من البشر، يصنعه الأخيار والأشرار معا وفي ذات الوقت.

 

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.