الجميل الفاضل يكتب:
بدأ قادة الإنقلاب من ضباط الجيش، في غضون اليومين الماضيين تحركات أقل حذرا، تسعى إلى إيجاد مقاربة، تُمكَّنُ الحركة الإسلامية بزعامة علي كرتي، من الحصول على موطيء قدم أيا كانت مساحته وحجمه، على خارطة الفترة الانتقالية المرتقبة، التي دخلت بالفعل عملية التأسيس لها المراحل النهائية تحت وطأة ضغط دولي متنوع وكثيف، استسلم له فيما يبدو جنرالات الإنقلاب، بعد أن تعذر عليهم النجاح في مقاومته أو التحايل عليه، خاصة بعد الحرج السياسي الكبير الذي مثله انسلاخ الرجل الثاني في الدولة عن الانقلاب، فضلا عن ما ترتب على موقفه من اختلالات في موازين القوى، باعتبار أن الرجل قائدا لـ”قوات الدعم السريع”، ثاني أكبر قوة ضاربة بعد الجيش.
ومما يعزز فرضية دعم قادة الجيش لاستعادة الحركة الإسلامية أدوارها السياسية، سماح السلطات الانقلابية لحركة كرتي بتدشين نشاط ذراعها السياسي “حركة المستقبل للإصلاح والتنمية” الحزب المُستنسخ عن حزب “المؤتمر الوطني” المحظور، من قاعة الصداقة بالخرطوم الأربعاء الماضي.
فيما كشفت أنباء متواترة عن لقاء ضم قائد الانقلاب بعناصر فاعلة من حزب المؤتمر الوطني المحلول بمدينة القولد، ورجّح مراقبون أن لقاءات البرهان بعناصر الحزب المحظور تأتي ضمن استراتيجية شاملة تهدف للحيلولة دون خروج الجيش من العمل السياسي، وبالتالي انكشاف ظهر العناصر الإخوانية أمام السلطة المدنية الجديدة.
كما بدا لافتا تزامن الدعوة التي أطلقها الفريق ياسر العطا عضو المجلس الانقلابي من الخرطوم بضرورة إجراء “عمل ما” مع التيار الإسلامي، الذي وصفه بالقوى المبعدة من الثورة.
وبرر العطا وفق صحيفة “متاريس” الإلكترونية دعوته لاستصحاب الإسلاميين في المرحلة القادمة، لإبعاد التطرف وجلبهم للسير المعتدل في طريق الديمقراطية، وعدم الانقلاب عليها.
أنظر ماذا قال العطا حرفيا: “تعمل قواتكم في ترسيخ الديمقراطية مع بقية القوى السياسية النبيلة النظيفة، والقوى الاجتماعية المخلصة لوطنها، لبذر قيم التصالح الاجتماعي، والتسامي السياسي، وعمل اتفاق ما، مع القوى المبعدة بأمر الثورة من التيار الاسلامي، لإبعاد التطرف الديني، وجلبهم للطريق المعتدل للسير مع الجميع في درب الديمقراطية، وبناء الدولة المدنية لضمان ترسيخ واستدامة الديمقراطية، وعدم الانقلاب عليها مجددا”.
وفي ذات الوقت الذي كان يتحدث فيه العطا بالخرطوم، عن ضرورة وأهمية جلب الإسلاميين إلى طريق الديمقراطية، لضمان عدم انقلابهم عليها مجددا.
قال علي كرتي بمنطقة “بدينة” بولاية الجزيرة إن ما حدث في العام 2019، ما هو إلا انقلاب ضد حكومة منتخبة قادته أحزاب تتمشدق بالديمقراطية، مشيرا إلى أن تلك الأحزاب اتخذت كافة الوسائل لتشويه صورة الإسلاميين، وأنها قد أحدثت تدميرا ممنهجا لما حققته الإنقاذ، دون أن تضيف إليه.
ويعد أول ظهور علني لكرتي في لقاء جماهيري مفتوح بالجزيرة، بعد 48 ساعة فقط من انعقاد مؤتمر حزبه بقاعة الصداقة، بمثابة انطلاق لحملة دعائية، مزدوجة ومتزامنة، يقودها جناحا الحركة الإسلامية، الجناح العسكري، والجناح المدني، في ذات الوقت.
إذ يبدو أن الأمور تمضي إلى الآن على الأقل، وفق ما قال به كرتي في أول ظهور إعلامي له بقناة “طيبة” في شهر مايو الماضي: “نحن في الطريق إن شاء الله إلى تطبيع الأوضاع عامة، لنخرج من هذه الحالة الاستثنائية”.
تلك الحالة التي قال كرتي: “انها ستأتي بغير الأوضاع التي كانت في بدايات هذا التغيير من التنمر الذي تابعتموه جميعا، والظلم الفادح الذي وقع على الآلاف، وكثير مما جرى نسأل الله أن يكون قد انقضى هذا التاريخ”.
ونواصل
اقرأ أيضًا