بورتسودان – الخرطوم: سلا نيوز
انتشر مؤخرا، مقطع فيديو، وعلى نطاق واسع، لرجل سوداني ملتح يرتدي زي الجيش السوداني وهو يصف نفسه بأنه من ” المستنفرين”. الرجل الذي تم تصويره في قارعة الطريق اتهم والي الولاية الشمالية بالتقصير في حق المستنفرين وإهمالهم، بعدم تدريبهم على الوجه الأكمل وتدربيهم على نوع واحد من السلاح.
الأكثر من ذلك، فإنه هدد الوالي بالوصول إلى غرفه نومه إن لم يقم بالواجب تجاه المستنفرين بعد أن قال إنه لم يتمكن من الوصول إليه في مقر عمله.
ومع مرور أيام عديدة، لم يصدر أي تعليق رسمي من الجيش السوداني أو من الولاية، ولكن الفيديو المنشور يفتح باب الجدل واسعا أمام المستنفرين وماذا يفعلون وكيف هي أوضاعهم داخل معسكرات التدريب المنتشرة في معظم ارجاء السودان.
والمستنفرون هي وصف يطلق على الأفراد العسكريين الذين قرروا الانضمام إلى الجيش السوداني ضد حربه مع قوات الدعم السريع بعد دعوات اطلقها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان ” لكل من يمكنه حمل السلاح ” للانضمام للجيش بعد مرور فترة وجيزة من بدء الحرب في أبريل/ نيسان الماضي.
ولا توجد إحصائية رسمية بعدد الذين استجابوا لدعوات قائد الجيش لكن مصادر عسكرية قدرتها بعشرات الآلاف معظمهم في ولايات نهر النيل والشمالية وولايات شرق السودان.
والملاحظ أن البرهان أطلق نداءاته بعد أن تكاثرت الشكاوى من قيادات إسلامية محسوبة على نظام الرئيس المعزول عمر البشير بوضع العراقيل أمام فتح معسكرات التدريب للمستنفرين.
وبعيد فتح الباب نشطت قيادات إسلامية معروفة وبيانات رسمية من حزب المؤتمر الوطني – حزب البشير – في الدعوة للانضمام إلى القتال في ما يوصف ” بمعركة الكرامة”.
وهناك أعتقاد شائع بأن ” المستنفرين” ما هي إلا واجهة للإسلاميين في المشاركة في القتال ضد قوات الدعم السريع والتي يتهم قائدها الفريق محمد حمدان دقلو هذه المجموعة بالوقوف خلف الحرب ويدعوا إلى القضاء عليهم.
وتمكنت (سلانيوز ) من التحدث، عبر الهاتف، إلى أحد المستنفرين الذين كانوا يتلقون تدريبا في معسكر بالولاية الشمالية. وقال بعد أن طلب عدم ذكر اسمه حفاظا على سلامته “أنا من اوائل الذين لبيت النداء وذهبت للمعسكر من أجل الدفاع عن العرض بعد أن علمت ان قوات الدعم السريع يغتصبون النساء ويسرقون البيوت.. ولكن بعد مكوثي أياما في المعسكر لاحظت أشياء لم تعجبني”.
وأضاف يقول: ” هناك أفراد يأتون إلينا خلال الاستراحة وبعد التدريب من أجل تجنيدي في الحركة الإسلامية.. بعضهم ضباط وبعضهم ضباط صف وآخرون يرتدون الزي المدني .. هناك ما يسمى بالجلسات الإيمانية حيث يتحدثون عن توجه إسلامي لحكم السودان بعد القضاء على التمرد.. أحيانا يتم دفع أموال لبعض الناس من جهات غير معروفة عشان الظروف الكعبة”.
ويقول المستنفر السابق الذي تخرج من كلية الهندسة قبل أربع سنوات “شعرت بالانزعاج الشديد عندما وقعت مشادة بين أحد ضباط الصف وضابط إسلامي حاول جمع عدد من المستنفرين والذهاب بهم إلى أحد ميادين التدريب بمفردهم وكاد أن يحدث إطلاق نار ولكن تمت معاقبة الجندي وطرده.. عند هذه النقطة هربت مع عدد من المستنفرين بعد أن تأكدنا أن الإسلاميين يسيطرون على مقاليد الأمور في المعسكر ونحن لم نأت من أجل ذلك”.
فعليا، انخرطت العديد من قيادات حزب البشير واعضائه في الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر. بل أن قيادات الحزب والتي كانت في السجون، بمن فيهم الوزير أحمد هارون، المطلوب من محكمة الجنايات الدولية بعد مغادرتهم السجون، قد دعوا جميع اعضاء الحزب – صراحة – إلى الانضمام إلى القتال.
ومع ازدياد معدلات انضمام هذه القيادات والقواعد الي الحرب تحت لافتة المستنفرين تزداد المخاوف من استخدام الاسلاميين لهذه الخطوة في تحقيق مكاسب سياسية، وإعادة إحياء ” فريضة الجهاد” التي كانت تطبق في جنوب السودان خلال حربهم مع الحركة الشعبية التي كان يقودها السياسي الجنوبي الراحل جون قرنق.
لكن فرضية سيطرة الإسلاميين على مقاليد الأمور في الجيش السوداني تجد نفيا من قادة الجيش. وقال مصدر عسكري ل (سلانيوز) إن هذا الأمر غير صحيح “لايوجد إسلاميون يتحكمون في الجيش، الجيش يديره القادة المعروفين، وهناك تسلسل معروف وطبيعي في هيئة القيادة وإصدار التعليمات”.
وأضاف، بعد أن فضل حجب هويته لحساسية موقعه “الحديث عن وجود إسلاميين داخل الجيش غير صحيح. المستنفرين هم افراد عاديين جاءوا لمساعدة الجيش ويتم استيعابهم وتدريبهم وفقا للقواعد المعروفة”.
ولطالما، أكد قائد الجيش مرارا وتكرارا بأن الجيش يقاتل لوحده، وهو جيش قومي ومهني ، ولا توجد خلايا أو أحزاب سياسية في داخله. ومع ذلك فإن البعض يشدد على ضرورة التعامل بجدية وحسم مع هذه القضية التي وصفت بالحساسة.
وقال العميد متقاعد خالد إبراهيم ل (سلانيوز) إن معظم المليشيات التي خرجت من الجيش خرجت بمثل هذه الطريقة.. في البداية يتم إنكار الأمر ، ومن ثم يحدث التمديد والتطوير للمليشيا حتي تكون خارج عن السيطرة وهو ما حدث تماما في حالة قوات الدعم السريع”.
ومضى يقول: “هذه المرة الأمور أكثر تعقيدا.. المجموعات الإسلامية تحاول تستغل وجودها داخل الجيش من أجل إعادة وضعها في الحيز السياسي وهم الآن مستفيدون من حالة الفوضى التي تضرب الدولة ومؤسسة الجيش بطبيعة الحال .. الأخطر أن مثل هذه التنظميات لديها امتدادات خارجية وهو ما يجعلها مدخلا مناسبا لتنفيذ اجندات سياسية خارجية”.