آخر الأخبار

الغذامي/ أدونيس: صراعٌ معلقٌ.. ومجلة سيقلس بوست (Seagulls post ) تحاوره

 

الخرطوم – نصر الدين عبد القادر حسن

في استمراريةٍ لحراكها الثقافي من كندا، تطل على قرائها في عددها الثالث، مجلة سيقلس بوست (Seagulls post arabic)، في نسخة محتشدة بالتنوع الثقافي والجغرافي العابر للقارات، من حيث الكتّاب، ومن حيث الثيم الذي حدد مسار هذا العدد، والذي يتمثل في مناقشة الثقافة العابرة والمتوطنة، والتدفق المعرفي من حضارة إلى أخرى عبر الأدب والثقافة، مع استصحاب الثورة المعرفية والثقافية التي تخطت حدود الجغرافيا والعرق واللغة، مع حركة الترجمة، والصراع بين اللغات الحية، والبعد الثقافي في الوسائط الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عولمة الثقافة، كما جاء في افتتاحية العدد بقلم رئيسة التحرير د. دينا الشيخ.

كانت المجلة قد طرحت محاور العدد الثالث في دعوة مفتوحة لكافة الكتاب في الوطن العربي، أو في دول المهجر، وهو ما يتيح للقارئ الاستغراق بعوالم دسمة من الفكر والأدب والفلسفة والسياحة والفنون المختلفة.

نازك العراق ونزار دمشق

في باب نوستالجيا وباب محطات، حيث يتناول الأول شاعرًا أو فنانا أو أديبًا من زمن مضى، ويتناول الثاني مدينة من المدن أو معلما خالدا في خارطة الحضارة للإنسانية، كانت السطوة في هذين البابين هذه المرة للعراق ودمشق.. فكانت نازك الملائكة في سيرة وقصيدة، وكانت دمشق (ياسمينة الحضارات)، بمعالمها وتاريخها ورموزها، وفوق ذلك كله نزار قباني الذي اتحد معها في ذات واحدة، حيث لا انفكاك بينهما إلا بالذبح، كما يقول:
هذي دمشق وهدي الكف والراحُ
إني أحب وبعض الحب ذبّاحُ
وكأنّ هيئة التحرير – باختيار هذين الرمزين – أرادت أن تؤكد ما ذهب إليه مظفر النواب حين قال:
شباككِ سيدتي بالشامِ
وشباكيَ بغدادُ
وبينَ الاثنينِ
من التاريخِ إلى المستقبلِ
حُبٌّ وعتابُ

مقالات العدد الثالث
تنوعت المقالات في هذا العدد بتنوع كتابها، بين الأدب والفكر، والفنون المختلفة، فجاءت على هذا النحو: حيث كتب نائب رئيس التحرير د. أسامة تاج السر – السودان: (الانزياحات والتركيب اللغوية ١٢-١٣)، وجاءت مقالة محمود حسن – مصر، بعنوان: (عالمية النص وذمته الأدبية ١٤-١٥).
أما الدكتور عزيز العمراوي – المغرب، فكتب: (الهوية العابرة للحدود ١٦-١٩)، وهي عبارة عن قراءة في رواية موسم الهجرة إلى الشما، للروائي السوداني/ العالمي، الطيب صالح.

ثم جاءت مقالة (الرواية العربية وإشكالية الكتابة بلغة المستعمر ٢٠-٢٣) بقلم البروفيسور/ مصطفى عطية – مصر.
وفي بوابته (معية الفكر) كتب مدير التحرير د. إبراهيم طلحة – اليمن، مقالة عنونها بـ(أوضح المسالك إلى أعظم الممالك ٣٨-٤١)، تناول من خلالها دور الأدب في تشكيل الوعي الإنساني.
بينما تناول الباحث والكاتب الجزائري د. عبد القادر مهداوي (تأثير نظرية النظم الشفاهي على تلقي المستشرقين للشعر الجاهلي ٤٦-٤٧). في ما عادت مصر مرة أخرى لتكتب (الأدب العابر وثقافة الهامش ٤٤-٤٥) بقلم الدكتور منتصر نبيه.

في ما تناولت مقالة د. علي اليساري – تونس، واحدا من أهم الأدباء العرب في عالم السرد الروائي، معنونًا مقالته بـ(إبراهيم الكوني والطريق إلى العالمية: تشخيص لحالة ثقافية وجب تفكيكها ٧٢-٧٥).
ومن أرض السودان الذي يعيش مأساته هذه الأيام تحت وطأة عبثية الحرب، كتب أحمد سليمان أبكر (ملمح من الثقافات المتوطنة في السودان ٧٦-٧٧).

ثم كانت العولمة حاضرة عند: نايف إبراهيم كريري – السعودية في مقالته: (عولمة الإعلام السعودي ٧٨-٨١)، ويستمر الحبر على أوراق العولمة، رغم أنه يغوص في القديم عند، سهير عبد الحميد – مصر، ومقالتها: (“ألف ليلة وليلة” وعولمة سحر الشرق ٨٢-٨٥)، ثم مقالة (الترجمة والعولمة – من قبول الآخر إلى سطوة الثقافات ١٠٤-١٠٥) عند إيمان عصام، و(جبروت الاستهلاك الكاسح ١٠٦-١٠٩) عند الكاتب السعودي/ فاضل الجميعي، وأخيرا من مصر عبد الرحيم الماسخ، يكتب(تضاريس مكانية/ زمانية الشعر ١١٠-١١٣).

الحوارات
الدكتور/عبد الله الغذامي (٥٦_٥٩) يثير الجدل القديم مجددا بينه وبين أدونيس، واستمرار مهاجمته، رغم صمت الثاني، في حوار أجرته معه الكاتبة اللبنانية حنان فرفور، وفيه طواف بعوالم الغذامي الفكرية والفلسفية والنقدية، ومشروعه الضخم (النقد الثقافي).

أما الكاتبة التونسية هندة محمد، فقد أجرت حوارًا يغوص في روح الإبداع مع الشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبي (٢٦-٢٩)

بينما حملت مشعلها من سوريا الكاتبة روعة سنبل لتضيء للقارئ بعض عوالم الشاعر المصري حسن شهاب الدين، والذي يقول: لي نسب ببعض الأنجمِ/صوتي بحجم الأرضِ/ أكبر من فمي ٨٦-٨٩

قصص قصيرة
جاءت القصص القصيرة بهذا العدد من مصر، والعراق، وسوريا، واليمن والأردن، على النحو التالي: من سوريا كاب رأفت حكمت: (يوم كامل في اقل من ساعتين ٥٢-٥٣)، وجاءت قصة (كاتم في زفاف عادي ٥٤-٥٥) بقلم زهير كريم، من العراق، بنما كانت (توقيت شتوي ٩٠) قد أطلت من مصر بقلم القاص/ أحمد داوود، أما من اليمن السعيد، فكتبت سيناء الروسي (غيوم دامية ٩١)، واختتم القصص القصيرة من الأردن، القاص/ علي الخرشة، بقصته (حبل آخر ٩٢-٩٣).

فضاءات الشعر
احتل الشعر النصيب الأكبر من حيث المساحة المفردة للشعراء، حيث احتوى العدد على واحد وعشرين نصا، من أربع عشرة دولة، على النحو التالي: عبد العزيز الزراعي – اليمن (يقين النار)/ نزار النداوي – العراق (تأويل اللون الثالث)/ مناهل فتحي – السودان (أبنوسة)/ أفياء أمين – العراق (مدينة الويل)/ عمر هزاع – سوريا (كليم صحارى)/ خديجة السعيدي – المغرب (هواجس ظمأى)/ عبد القادر المكي المجذوب – السودان (أغنية للبحر)/ كريم معتوق – الإمارات (هي عادتي)/ علي النهام – البحرين (يوسف)/ هاجر عمر – مصر ( الخروج من لوحة زائفة)/ عبد الإله زمراوي – السودان (بكائية في حضرة الوطن)/ باسلة زعيتر – لبنان (أمل على باب الخريف)/ مبروك السياري – تونس (كأنها هي)/ حنان فرفور – لبنان (آيلٌ للعبور)/ شاكر العزي – العراق ( إلزا أمام المرآة)/ ميار أحمد – مصر (رسالة الغريب)/ لطيفة حساني – الجزائر (ذبول)/ ربيع السايح – مصر (على شرف الغياب)/ عبد القادر القردوع – اليمن (هروب محتم)
محمد الحناطي – مصر (كالورد الذائبة)/ حسن فطوسة – فلسطين (عيناك بوصلة الخلاص).

ريشة وفنان
أجمل ما تتزين به أيّة مجلة هو روح الرسم والتلوين، وكان هذا العدد قد لبس أزهى حلة بريشة
الفنان التشكيلي عصام عبد الله، من السودان، والذي يقيم بهولندا. وهو فنان له مشاركات عالمية وإقليمية، منذ بداية التسعينات، من بين ذلك مهرجان أمستردام للفن المعاصر ١٩٩٤م/ معرض الجداريات التجريدية بهولندا ١٩٩٧م/ المعرض الأفريقي الثقافي ٢٠٠٨م/ مهرجان فن المدن الثقافي – بلجيكا ٢٠١٣م.
وتحتوي هذه النسخة من المجلة على عدد من أعماله، الموغلة في السودانوية والفلكلور الأفريقي.

رغم ما يمر به العالم من بؤس وتمزيق، إلا أن الثقافة ما تزال هي الأكثر صمودا للأمل بالغد المشرق، فكانت هنالك: في حيثما انكسرت جرة المجد في الشرق/ وانمسخت آية الله في الغرب/ واندثرت بذروة الضوء في فجوات الزوال.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.