آخر الأخبار

رحلة البحث عن العافية.. من بذرة إلى مشروع تجاري

الخرطوم – هديل عماد الدين

قسمة الخالق علي، رائدة الأعمال والمختصة في مجال النباتات الطبية والعطرية، واحدة من النساء المكافحات اللاتي كان لهن دور فاعل في مجال الزراعة الطبية.

البحث عن العافية

من مرض مزمن إلى بدايات جديدة، عانت قسمة في بداية حياتها من مرض التهاب الكلى الحاد مما صعب الحياة عليها وقتها، وجعلها تلجأ لما يعرف بالطب البديل، حيث تناولت بذرة الخِل مما ساعدها على الشفاء، وكانت هذه هي المفاجأة بالنسبة لها، حيث عبرت قسمة بأن هذه البذرة أعادة إليها الحياة من جديد على حد تعبيرها، وذلك بعد معاناة مع المرض، كان ذلك في مرحلة الدراسة المتوسطة، فأشار إليها البعض باللجوء إلى بذرة الخِل، وذلك من خلال وصفة تقدر (بنصف ملعقة منها في لتر من الماء المغلي) لمدة ثلاثة أيام. وتقول إن هذه الوصفة ساعدتها على الشفاء الكامل بعد أسبوع من تناولها، وظهر ذلك من خلال الفحوصات التي أجرتها بعد تناول الوصفة، منذ ذلك الحين تبادرت إلى ذهنها أهمية البحث عن النباتات الطبية والتبحر فيها بشكل أكبر.

ضربة البداية

2014م كانت البداية الحقيقية للمشروع، وذلك من خلال الزراعة في حقول تجريبية، وعند سؤالنا لها عن مجال تخصصها وكيف ساعدها في تطوير كريرها الزراعي، أوضحت أن دراسة الماجستير كانت داعماً كبيراً بالنسبة إليها، وأنها بمثابة إضافة حقيقية لتطوير مشروعها الزراعي، تركزت الدراسة البحثية على تغذية النبات، وتقول قسمة إنها سلطت الضوء بشكل كبير على بذرة الخٍل، وذلك لأهميتها بالنسبة لها، حيث أجرت الكثير من التجارب على مدار عامين، أي ما يقارب موسمين زراعيين، وذلك لمعرفة كمية التسميد الأمثل ومعرفة كيفية التحصل على أعلى إنتاجية وكمية الجرعة المستخدمة في التسميد، كل ذلك من أجل التوصل لطريقة مثلى لتطوير المنتج الزراعي.

نقطة تحول

2016م تعد الضربة الأولى للمشروع، وذلك من خلال مشاركتها في المعرض السوداني الطبي الأول الذي أقيم في أرض المعارض ببري بـ (الخرطوم)، أعتبر ذلك نقطة تحول حقيقية بالنسبة لها. بعد ذلك توسعت بشكل كبير في مجال الزراعة، حيث قامت بزراعة منتجات مختلفة كالطماطم والعجور وغيرها من المنتوجات الزراعية والطبية، ما ساعدها على بناء شخصيتها العملية في مجال سوق العمل.

سوق العمل

استطاعت قسمة أن توسع تجارتها لتشمل السوق المحلي، حيث أصبح لها اسم واضح في المجال، وزاد الطلب على منتجاتها، مما جعلها توسع من منتوجها الزراعي ليشمل زراعة البطيخ والشمام والبامية والثوم والشطة وغيرها من الخضروات المطلوبة، بجانب المزروعات الطبية والعطرية، كل ذلك تماشياً مع الحركة الشرائية.

وعند سؤالنا لها عن الصعوبات التي واجهتها خلال عُمر المشروع، أوضحت قسمة أن مشكلة التسويق هي من أهم المعوقات التي واجهتها في السوق المحلي، وذلك على اعتبار أنها امرأة تدخل السوق للترويج عن منتجات طبية وزراعية مع تجار آخرين، على حد تعبيرها، مثل ذلك تحدياً، ولكن استطاعت التغلب عليه، وكونت لنفسها قاعدة من المشترين والتجار والراغبين في التعامل معها بعد ذلك، وتعَول ذلك على جودة ما تنتجه مزرعتها.

رحلة الصادر

“سعر الصادر مُغرٍ ويعود بأرباح ممتازة للمنتج” هكذا عبّرت قسمة في إجابة لها لـ (سلا نيوز) عن تجربة التصدير، وكيف تحول الأمر من إنتاج محلى إلى تصدير خارجي. وأضافت بالقول إن رغبة السوق العالمي في المنتجات السودانية كبيرة مع توفر الحاجة للتصدير، قامت بإنتاج الشمام والبطيخ المحلي، وعند علمها بكثرة الإقبال على الشمام في السوق العالمي، باشرت بزراعته للصادر العالمي وفق المعايير المتعارف عليها.

المعادلة الصعبة

كرم الأرض هذه السنة كان وفيراً بشكل كبير بالنسبة لقسمة، حيث قامت بزراعة الطماطم، وكان الحصاد ناجحاً بنسبة إنتاجية عالية، ولكن تقول قسمة أسفة إنه وبرغم نجاح الحصاد إلا أن القوة الشرائية أقل بكثير من الأعوام السابقة، مما دفعها إلى اللجوء لعمل مبادرة لتجفيف المنتجات الزراعية التي شاركة بها في معارض مختلفة، كل ذلك محاولة للاستفادة مما تم حصاده.

للظروف الاقتصادية الحالية دور كبير، مما أثر في القوى الشرائية في السوق المحلي، وذلك وفق ما أوضحته قسمة في معادلة مضطربة بين تكاليف الإنتاج وضعف الشراء.

كل ذلك أثر بشكل وأضح في المنتجين ودعا البعض منهم للانسحاب من سوق الإنتاج، وعدم مقدرة العديد من المزارعين من الزراعة، وذلك في الموسم الفائت، نسبة لكثرة الخسائر فيه، ويعود ذلك لارتفاع تكاليف الإنتاج المتمثلة في الكهرباء والبذور والعمليات الفلاحية والعمالة وغيرها من العوامل، وقالت إن دور الدولة ضعيف جداً، غير أنها أضافت ضريبة إنتاجية جديدة برغم زيادة التكاليف الموجودة في الأساس على كاهل المزارعين.

مشاركات

لقسمة العديد من المشاركات في معارض ومسابقات، كانت آخرها في مسابقة الوسام الدولي لصانعات التغيير لهذا العام 2022م، وإجابة لها على هذا المحور صرحت بالقول إنها جاءت مشاركةً سودانيةً هي ومعها اثنتان أخريان ليمثلن السودان في المنافسة لنيل الوسام العالمي، حيث أن هذه المسابقة سنوية، وهي من ضمن المؤتمر الدولي للقيادة والريادة لصانعات التغيير في دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وأردفت بالقول “شاكرة محمد خليل المؤسس لفكرة هذا المؤتمر لاهتمامه بقضايا المرأة وتسليط الضوء عليها”.

بصمة

لقسمة العديد من المبادرات الداعية لعودة التوازن البيئي، ومن ضمن هذه المبادرات مشروع النباتات الطبية والعطرية، وعدم استخدام الأسمدة الكيميائية احتراماً للأرض والبيئة والإنسان، على حد تعبيرها.

بالإضافة للعديد من المبادرات المحلية كمبادرة (البطانة الخضراء) من أجل التشجير ومشاكل تغير المناخ، كذلك قامت بعمل منظمة أسمتها (العاديك للتنمية المستدامة)، تهتم بالزراعة المنزلية والأسر المنتجة لدعم المشاريع الناشئة في هذا الجانب.

وفي ختام حوارنا معها بصفتها مختصة وباحثة في مجال النباتات الطبية رأت ضرورة زيادة التوعية للمزارعين بأهمية زراعة النباتات الطبية، وذلك لما تعود عليهم بمردود اقتصادي عال ولخزينة الدولة كذلك، وأضافت “من جانبنا نقوم بعمل التجارب ونمد المزارع بها”.

وناشدت جهات الاختصاص المساعدة في عمل خطط إنتاجية وزراعية وفق معايير اقتصادية تحدد من خلالها خارطة عمل معينة للمزارعين حسب حاجة السوق لتفادي الخسائر. وختمت حديثها بأن السودان بلد واعد للزراعة فيه، إلا أنه يحتاج إلى تضافر الجهود للاستفادة من خيراته.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.