آخر الأخبار

النور حمد: فكر محمود محمد طه قتله الجمهوريون

 الخرطوم – بشير النور

قال المفكر السوداني، النور حمد، إن فكرة الحزب الجمهوري التي أسسها الأستاذ محمود محمد طه تحولت لعقيدة جامدة تتطلب التفكير والتقييم النقدي.

وأوضح حمد، أن طه جاء ليصنع مفكرين وليس أتباعا، لذا قتل فكره أتباعه مثلما قتله الآخرون في العام 1985.

وأقر حمد في ندوة أقامها بالخرطوم الحزب الجمهوري بمناسبة الذكرى 38 لاستشهاد محمود محمد طه، بوجود جمود عقدي لدى عامة السودانيين ووسط الحزب الجمهوري. وقال إنه يجب اجتثاثها مع وضع نظرة نقدية للحزب الجمهوري.

وأضاف حمد أن طه قدم مساهمة إسلامية كبيرة فريدة في التطور، وهو عمل وأبحاث ضخمة يمكن أن تنبثق منها فكر محمود لذا جاء الوقت لتلاميذه بثها نحو حقيقية مايرمي إليه نحو تحرير الإنسان٠

وأقر النور بتعرضهم كأصحاب فكر محرر في الحزب ممثلا في شخصه وأسماء محمود ود. القراي لاعتداء خلال السنوات الماضية من بعض أعضاء في الحزب الجمهوري لكنه عاد وقال “كنا مشغولين وقتها بمواجهة الرأس في إشارة لنظام عمر البشير”.

وتابع: “الفكر غير مرتبط بعقيدة معينة لأن تحقيق القيمة الإنسانية تتحقق من مختلف”.

وأوضح “نحن نحتاج للخروج من التعصب الديني بصورة عامة”، مستشهدا بحركة داعش وتجربة الحركة الإسلامية التي ساهمت في تدمير كل ما هو جميل في السودان٠

ووصف النور حمد تاريخ السودان بالمزيف قائلا إنه يحتاج إلى نظرة نقدية فيجب التفكير السليم لأن جوهر محمود تعلم التفكير النقدي وتدريسه في المدارس، ونوه إلى أن القرن 21 يحتاج إلى تفكير مختلف.

المخرج من الأزمات

وذكرت الأمين العام للحزب الجمهوري أسماء محمود محمد طه أن توقيع الحزب على الاتفاق الاطاري مع المكون العسكري يهدف لبناء دولة مدنية بدستور مدني يراعي حقوق الأفراد وسعيه لتحقيق مطلوبات الدولة المدنية وتابعت: “نحن متوافقون على ما قامت به لجنة تسييرية المحامين تجاه الدستور لأنه غير مرتبط بأيدلوجية معينة”. وقالت إن الحزب الجمهوري ظل موجودا من بداية الثورة مع المقاومة وفي الشارع. وتابعت أن أوضاع السودان الحالية تتطلب الوصول إلى مخرج من أزماته الحالية.

جهل السياسيين

وذكر الباقر العفيف أن أبرز المشاكل لدى السياسيين والمثقفين السودانيين جهلهم للمساهمات الفكرية للأستاذ محمود محمد طه المتعلقة بالعمل العام٠

وأضاف أن السياسيين عدا قلة منهم ليست لديهم أخلاق. وزاد “جاءت الحركات المسلحة بنوع جديد من الأخلاق في السياسة.. الإنسان إذا لم يصلح نفسه فلا يمكنه إصلاح الشأن العام”٠ وأكد العفيف أن المنطلق الفكري لمحمود مبني على الفقرة 5،  وهي اتخاذ كل المفاهيم من القرآن الكريم. وتابع “محمود استلهم ثقافته وعرف مصادره من جوهر الإنسان بغض النظر عن دينه”٠

وأشار إلى وجود لبس لدى جيل الثورة متعلق بفهم شعار لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية.

ووصف الباقر محمود محمد طه بنموذج المفكر المتسق الذي ينطلق من بيئته المحلية والأحياء الشعبية التي جسدها محمود في منزله البسيط في أمدرمان الثورة.

المربي الكبير

وعد البروفيسور عبد الله النعيم محمود محمد طه بالمربي الكبير والروحي، وليس له تمييز في الأمر العام والخاص. وقال إن خطابه يتسم بالأمانة والشفافية. وأوضح أن الأحزاب السياسية التي منهجها ديني ينبغي ألا يكون منهجا لها وتابع: “العنف والتكالب على السلطة موجود منذ القدم”.

المحامون العرب

وروى أسامة حسين أحد شهود العيان لمحاكمة طه ل (سلا نيوز) أن محمود محمد طه شكر اتحاد المحامين العرب في شخص الأمين العام الذي حضر خصيصا إلى الخرطوم للمرافعة عن الأستاذ ثم قدم له الشكر. وقال إن الأستاذ محمود محمد طه يستطيع أن يدافع عن نفسه. وأضاف أسامة أن محمود ابتدر مرافعته عن نفسه قائلا امتنع من التعامل مع محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل هذا من حيث التنظير اما من حيث التطبيق فإن القضاة ويعني للمكاشفي طه الكباشي بدرية سليمان والمهلاوي المتولين الحكم تحتها غير مؤهلين فنيا وضعفوا أخلاقيا أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة سلطة تستغلهم لاستغلال الشعب وسوقه للاستكانة عن طريق الصوت والسيف٠

وذكر أسامة حسين أن القاضي حسن إبراهيم المهلاوي هو خريج قانون حديث من جامعة القاهره فرع الخرطوم التي تكني آنذاك “فريع البان”٠

المولد والنشأة
ولد محمود محمد طه عام 1909 في مدينة رفاعة بوسط السودان لأسرة متصوفة تنتمي إلى قبيلة الركابية، وقد توفيت والدته 1915 فعاش مع والده حتى توفي 1920، فكفلته عمته وأدخلته الكُـتاب لحفظ القرآن الكريم.

الدراسة والتكوين
انتقل 1932 إلى الخرطوم فدرس في كلية غوردون التذكارية (جامعة الخرطوم لاحقا) هندسة المساحة.

التوجه الفكري
شكلت الطبيعة الصوفية لأسرة طه توجهه الفكري النهائي الذي حاول فيه “توحيد الكفاح الروحي المستند إلى الصلاة مع الحراك الاجتماعي السياسي”.

كان مؤمنا بالأفكار الديمقراطية كالحرية الفردية والمساواة الاجتماعية٠

الوظائف والمسؤوليات
عمل بعد تخرجه 1936 مهندسا بمصلحة السكك الحديدية، ثم استقال منها 1941 على إثر خلافات مع سلطة المستعمر البريطاني بسبب نشاطه الحقوقي العمالي، واشتغل بالأعمال الحرة مهندسا ومقاولا إلى أن تفرغ منتصف الستينيات للعمل الفكري.

التجربة السياسية والفكرية
واصل طه مسيرته السياسية، التي بدأها بالنضال السياسي والثقافي ضد المستعمر، لتتجسد عمليا بإنشائه مع آخرين حزبا سياسيا في 1945 سموه “الحزب الجمهوري”، مطالبين بإنشاء “جمهورية سودانية” ورافضين الدعوة لدولة ملكية تابعة للتاج البريطاني أو للمَلكية المصرية.

اعتقل في 1946 فقدم إلى المحاكمة وخُـير بين السجن مدة عام أو التعهد باعتزال العمل السياسي سنة كاملة، فاختار السجن ومكث فيه خمسين يوما. وقف القتال بجوبا دعا محمود طه إلى وقف الاقتتال بجنوب السودان وحل مشكلته بالحوار، كما طالب -في أوج انتشار القومية العربية بقيادة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر- بالصلح مع إسرائيل على أساس الاعتراف المتبادل، وحل قضية فلسطين بالتفاوض.
الإنسان الكامل
أثارت آراؤه -خاصة حديثه عن “الإنسان الكامل” وعلاقته بالله تعالى، وادعاؤه تلقي أفكاره من الله سبحانه مباشرة، ودعوته لتطوير التشريع الإسلامي- غضب الكثيرين، فاتهموه بأنه يهدم الإسلام بخلطه بالفلسفات اليونانية وتأملات التصوف المتطرف، فحكمت هيئات إسلامية بـ”كفره”، ومن تلك الهيئات مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، والمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي.
نصرة المستضعفين
أما أتباع طه فقد أطلقوا عليه لقبيْ “الأستاذ” و”المصلح”، قائلين إنه كرس حياته لنصرة المستضعفين وتجديد الدين ونفي التناقض بينه وبين العلم، وما زالوا يسعون لنشر آرائه ومعتقداته٠

المؤلفات
ترك العديد من الكتب، منها: “قل هذه سبيلي” صدر 1952 بالإنجليزية، و”أسس دستور السودان” 1955، و”الإسلام”، و”طريق محمد”، و”الرسالة الثانية من الإسلام”، و”الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسان القرن العشرين”، و”الدستور الإسلامي: نعم ولا”، و”مشكلة الشرق الأوسط”.

الوفاة
نـُفذ في محمود محمد طه حكم الإعدام يوم 18 يناير/كانون الثاني 1985، بحضور الآلاف من بينهم بعض أتباعه.

وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1986 أصدرت المحكمة العليا السودانية حكمها بإبطال الحكم الصادر بإعدام طه، لكن نميري أكد -في مقابلة تلفزيونية معه قبيل وفاته 2009- أنه لا يشعر بالندم “أبدا” على إعدامه.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.