الخرطوم – محمد محمد عثمان
آثار الحوار الذي أجرته بي بي سي مع نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو والشهير بحميدتي ردود أفعال واسعة داخل وخارج السودان بسبب تصريحاته غير المعتادة والصريحة، ولعل أبرزها هو إقراره بفشل خطوة “تصحيح المسار ” التي اتخذها الجيش في أكتوبر/ تشرين أول/ الماضي، وتأكيداته أن الأوضاع الأمنية والاقتصادية باتت أسوأ مما كانت عليه قبل الخطوة.
باب موارب
خلال خطاباته وأحاديثه يصف حميدتي نفسه بأنه شخص واضح وصادق ولا يحب المرواغة واللف والدوران، ولكن عندما سألته بشكل مباشر عن إمكانية ترشحه لمنصب الرئيس مستقبلا، كانت إجابته مرواغة. فقد قال إنه زاهد في السلطة ولا يريد الترشح ويكره السياسة والسياسيين، لكنه استدرك بالقول إن هذا الأمر مرتبط بوجود حكومة تمثل كل السودانيين ولا تميل لسياسات المحاور، “لكن لو لم يحدث ذلك وتوجهت البلاد نحو الفوضى والانهيار سأتدخل”.
ويبدو موقفه في هذا الشأن ضبابياً على عكس موقف رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي أكد أكثر من مرة إنه سيسلم السلطة، ولن يترشح وسيتفرغ للزراعة التي يحبها.
غزل سياسي
ما كان مفاجئاً بالنسبة لي هو موقفه من شركائهم في الحكم سابقاً قوى الحرية والتغيير، حيث قال إن الخلافات بينهم بسيطة، وهم ” إخوة لنا”. وكشف عن أن الاتصالات بينهم مستمرة، وهو مستعد للدخول في أي تفاهمات ممكنة من أجل تجاوز الأزمة الحالية.
وتبدو هذه التصريحات كالغزل السياسي، خاصة وأن حميدتي وإلى وقت قريب كان يهاجم هذا التحالف بضراوة شديدة ويحمله تبعات الانهيار الأمني والاقتصادي.
قوى الحرية والتغيير التي أصبحت في خانة المعارضة بعد الانقلاب العسكري بعد أن كانت الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، التقطت القفاز، ورحبت بتعهدات نائب رئيس مجلس السيادة بشأن تركه العمل السياسي. وقال القيادي في التحالف الواثق البرير ل (بي بي سي) إن تعهدات حميدتي إيجابية وتساعد في التوصل إلى حل للأزمة، لكنه طالب البرهان باتخاذ نفس الخطوة والتعهد بشكل صريح بعودته إلى الثكنات وترك العمل السياسي للقوى المدنية.
مستقبل الدعم السريع
تقوم وحدات تابعة من قوات الدعم السريع بحماية مبنى قصر الضيافة في مدينة الجنينة بغرب دارفور، حيث يستقر حميدتي هناك منذ أشهر.
عند توجهي للمبنى حيث أجريت اللقاء لاحظت الانتشار الكثيف لهذه القوات في المدينة، وهي تتسلح بأفضل الأسلحة، وتمتطي سيارات الدفع الرباعي المجهزة بالكامل لحالات الطوارئ. القوات التي يقدر عددها بأكثر من مائة ألف مقاتل والتي تنتشر في معظم أرجاء البلاد تقريبا ظلت تحت وابل نيران الاتهامات المتلاحقة بالضلوع في فض اعتصام قيادة الجيش الذي خلف مئات القتلى، وبالانحياز للمجموعات العربية خلال النزاعات القبلية الدامية في دارفور. وظل المتظاهرون ضد الانقلاب العسكري يطالبون بحلها فيما يدعو السياسيون لدمجها في الجيش.
ودائماً يؤكد قائد هذه القوات حميدتي الذي فضل ارتداء الزي الخاص بها خلال المقابلة أن قواته هي جزء من القوات المسلحة، وبالتالي فهي جزء من المنظومة العسكرية، لكنه في الحوار أبدى استعداده لدمجها في إطار اصلاح المؤسسات الأمنية والعسكرية “لا أحد يرفض فكرة وجود جيش قومي ومهني وفي هذا الإطار لا مانع لدينا في دمج قوات الدعم السريع”.
ولا يبدو أن موافقته على خطوة دمج قواته في الجيش أتت بقناعة تامة منه، لأنه استدرك بالقول “أخشى أن يأتي يوم ويندم البعض على دمج قوات الدعم السريع في الجيش”.
بي بي سي نيوز عربي