آخر الأخبار

أكاد ..لا .. لا.. أصدقُ !

أكاد ..لا .. لا.. أصدقُ !

بقلم: عثمان قسم السيد

ما أن خرج الجسد المسجى في تابوت خشبي مغطى بقماش غامق من النوع الفاخر بعلم بلادى، محمولا على الأكتاف، من مسجد بأمريكا في منطقة لايتعدي عدد السودانيين الأصابع، التي كانت ذات يوم ملاذا لمن طردهم حكومات بلادهم، حتى بدأ المشيعون المنتظرون انتهاء صلاة الجنازة خارج المسجد، في مشهد يقال إنه لم يحصل في مدينتهم منذ زمن طويل جدا، ولا يحدث عادة إلا في وداع الشهداء والعظماء والملوك، ثم انطلق الموكب سيرا على الأقدام باتجاه مقبرة صغيرة في عمق مدينتهم القديمة، كان مشهد المشيعون السائرون وراء النعش المحمول مهيبا فعلا، أو على ما أعتقد مفردة مهيب لا تصح على المشهد الذي تابعناه، نحن السودانيين، في الخارج والداخل والأصدقاء ينقلونه لنا مباشرة عبر هواتفهم المحمولة، مفردة مهيب، ربما تقال على التشييع الصامت، أو الذي ترافقه موسيقى جنائزية، أو مارش عسكري..

خارج بلده مات وفي غير ترابها يدفن أنه الراحل القامة كقامة بلادى عبدالكريم الكابلي .. تغتي لتراب بلده وعشقه كحب الأم لأبناءها وعشق الحبيب لحبيبته فتغنى للوطن لثوراته لنضاله تغني للحب والجمال كرائعته وطن الجمال القومة ليك يا وطنى وقمر دورين.

فى أغنية هبت الخرطوم في جنح الدجى عن ثورة اكتوبر ورائعته زمان الناس فتغنى لأفريقيا وآسيا فى رائعته ( آسيا وأفريقيا وأي صوت زار بالأمس خيالي ورائعته قالو الدود قرقر حبس الدرب… وذهب بعيدا فتغني للجمال وللحب فى رائعته “سعاد” وتغني للمغترب العاشق فى رائعته “ماهو عارف قدمو المفارق” ثم ذهب بعيدا فى رائعته “ضنين الوعد” و “تاني ريده” والكثير من الروائع التى لا يسع المجال لذكرها ولا تكفيها المقالات لكتابتها..

رحل الكابلي وغيره من قامات بلادى بعيدا ودفن فى غير ترابه وهنا أتذكر الشاعر الراحل محمد الفيتوري دفن غريبا فى بلد غريب وأذكر هنا أمثلة موجعة لمشاهير وقامات دفنوا ورحلوا خارج بلادى منهم
الفنان الراحل محمد أحمد سرور ــ أسمرا:
الراحل حسين طه زكي أول مدير للإذاعة_ لندن
الراحل منصور رمضان لاعب المريخ والمدرب المعروف- السعودية
الراحل الأديب الدكتور حسن عباس صبحي: _ السعودية تبوك
الشاعر الراحل مصطفى سند: مدينة أبها_السعودية
الفنان الرحل التيجاني السيوفي: الصومال
الراحل الشاعر محمد الفيتوري_ المغرب الرباط
الفنان القامة الراحل عبدالكريم الكابلي _ أمريكا

كل طائر مرتحل عبر البحر.. بلا عودة!

ووأسفاه على حكومة السودان وهى لاتبعث بطائرة خاصة أو تقوم بإبتعاث مسؤول حكومي رفيع المستوى لجلب الجثمان الطاهر ليدفن فى بلده التى تغنى وتمجد بحبه وأفتخر بها وذاع صيته بين الأمم..
واللوم أيضا لأسرته الصغيرة بأمريكا كيف ترضى أن يدفن الكابلي خارج ترابه وتراب اجدده وأهله وأين هى شهامة السودانيين المهاجرين بأمريكا أيغلبهم جمع المال وإرسال الجثمان الطاهر للسودان ..
ووأسفه على من يبعثون بالطائرات الخاصة للعلاج فى الخارج ووأسفه على قامات ترحل عنا بعيدا وتدفن فى الغربة..

وللقصة بقية

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.