الخرطوم – أسامة محمد عثمان
وجدت ميامن حاتم ذات الثمانية عشر عاما أخيرا مكانا آمنا لمتابعة نجمها المفضل نيمار خلال منافسات كاس العالم، من غير أن تشعر بالخوف أو أنها غريبة، ومن غير مضايقات، بعد مبادرة منظمة الحارسات (تعالن نحضر سوا) لمشاهدة مباريات كأس العالم في نادي مشاهدة مخصص للنساء فقط في مباني المنظمة.
وكانت منظمة الحارسات وهي منظمة نسوية معنية بالعمل الطوعي، وتعمل على حراسة قيم الثورة السودانية ومناهضة العنف ضد النساء، قد أطلقت مبادرة (تعالن نحضر سوا) لمشاهدة مباريات كأس العالم، في أول تجربة لنادٍ نسائي مختص بالنساء، في مقر المنظمة في منطقة بحري، بحي الصافية، شمالي العاصمة الخرطوم بعد أن كانت أندية المشاهدة حكرا على الرجال في ظل القيود الاجتماعية للنساء في ارتيادها.
المبادرة استجاب لها عدد كبير من الفتيات اللاتي يتابعن كرة القدم، وأصبحن يشجعن فرقهن بكل حماس وانفعالات مع كل هجمة مع إبداء آرائهن على مهارة (المهاجم الفلاني) وقوة وصلابة المدافع الآخر، كما تحظى تصديات الحارس بإعجابهن.
في غرفة مغلقة وأجواء تشجيعية وهدير أصوات المعلقين والجماهير التي تخرج من الشاشة، المعلقة على الحائط، كانت ميامن حاضرة لمؤازرة الفريق المغربي ضد كندا في دور المجموعات، وكلها أمل بفوز المنتخب العربي الأخير في المونديال والتأهل للدور القادم بجانب فريقها الأول البرازيل.
كانت سعادة ميامن جلية على وجهها بعد الخصوصية التي وفرتها لها المبادرة وقالت ل (سلانيوز): “لحسن الحظ أصبح لنا الآن ناد نسائي نشاهد فيه كأس العالم نحن الفتيات، من دون مضايقات، وقريب من المنزل، وأنا سعيدة بذلك حقاً”.
وتضيف ميامن: “لم أكن أستطيع أشاهد مباريات كرة القدم بشكل مستمر، وكان المونديال فرصة لمتابعة ومشاهدة لاعبي المفضل نيمار في منتخب البرازيل”.
وتتابع ميامن: “لم أستطع مشاهدة بعض المباريات بسبب أني لا أستطيع أن أذهب إلى نادي المشاهدة، كما أنه لا توجد اماكن مخصصة للنساء، ولحسن الحظ استطعت متابعة بعض المباريات على القنوات المفتوحة وأحياناً عبر الانترنت”.
ولم تسلم ميامن التي ترتاد الجامعة في عامها الأول من مضايقات أخيها الذي ظل يتنمر عليها لمتابعتها مباريات كرة القدم: “أخي يحب التنمر عليّ، ويقول دائماً إن كرة القدم للأولاد فقط، ولكن ما زلت مؤمنة أنها رياضة في المقام الأول”.
سلمى نجمة خط دفاع فريق التحدي تحب كرة القدم ومتابعتها، وتعرضت لكثير من المضايقات بسبب ارتيادها أحيانا أندية مشاهدة (رجالية) هي وصديقتها لمشاهدة بعض المباريات، وبسبب المضايقات تركت متابعة الكرة.
وفي كأس العالم، كان لا بد لها من المشاهدة، فكانت سلمى تقطع مسافات كبيرة لتصل إلى الساحة الخضراء في شارع المطار جنوبي الخرطوم، حيث توضع شاشات عملاقة، وتتابع فيها المباريات، كما ذهبت مرة إلى نادي النيل بمنطقة بري شرقي الخرطوم لمشاهدة مباراة في كأس العالم.
سلمي كانت أكثر سعادة – حسب وصفها – بعد أن سمعت بمبادرة الحارسات، وقالت: “صرت في غاية السعادة بعد أن سمعت بالمبادرة، وأصبحت أشاهد كأس العالم بكل أريحية وسط أجواء أنثوية، وتعامل راق من الزميلات في التشجيع”.
وتضيف سلمى: “المكان آمن وقريب من منطقة سكني، وأستطيع متابعة المباريات في أي وقت من دون خوف بين فتيات يعشقن كرة القدم، ولديهن آراء متوازنة عن الأداء وطرق اللعب”.
وتختتم سلمى: “أركز في المباريات على تكتيكات خطوط الدفاع، وكيفية تحركهم، بحكم لعبي في الخط الخلفي، للاستفادة منهم والعمل على تطوير قدراتي الدفاعية”.
مباردة الحارسات وجدت حلا لمعضلة عدم تمكن الفتيات من متابعة كرة القدم وأخبارها، كما تضمن لهن مكانتهن في عالم الرياضة واقتحامها بعد أن كانت حكراً على الفتيان.
منصة (سلانيوز) تحدثت إلى رويدا مطر الامين العام لمنظمة الحارسات، التي قدمت المبادرة، وقالت مطر لـ (سلانيوز): “في البداية كان هناك تخوف من عدم استجابة الفتيات، ولكن في أول يوم من نشر الإعلان عبر الصفحة على فيسبوك جاءتنا كمية مهولة من الطلبات عبر الرسائل والمكالمات للحضور من الفتيات، إضافة لعدد أكبر من التحايا والشكر لتوفير هذه الفرصة للفتيات”.
وتتابع مطر: “الفكرة جاءت بها اثنتان من الحارسات، وبدأنا نتحدث عن كيفية توفير مكان آمن للحارسات لمشاهدة كأس العالم، نريد أن نقتحم عالم الرياضة ونجعلها جزءا من مشاريع الحارسات كما هو تفكيرهن، وذلك كان اختيار أكبر فيها تحدٍّ للوضع الراهن وهي كرة القدم”.
وتصف مطر أن البادرة كللت بالنجاح: “توقعنا في أفضل الفروض حضور الحارسات فقط، وكان هذا هو المؤشر لنجاح المبادرة، ولكنا تفاجأنا بحضور كبير من خارج المنظمة، وهو المؤشر الحقيقي لنجاحنا، ونقول إن الحضور لم يقتصر فقط الفتيات الشابات، بل تعداهن إلى فئات عمرية مختلفة لم تكن ضمن توقعاتنا”.
وتضيف مطر: “نتوقع ازدياد أعداد الحضور في مرحلة خروج المغلوب، مقارنة بمرحلة دور المجموعات، لأن المنافسة ستكون قوية على خطف مقعد في الأدوار المتقدمة”.