آخر الأخبار

ما هي الدوافع وراء قرار أميركا بتقييد دخول السودانيين أراضيها؟

الخرطوم – بشير النور
قال خبراء، الخميس، إن قرار أميركا بشأن محاسبة العسكريين والسياسيين الذين يحاولون تقويض التقدم الديمقراطي المرتبط بالاتفاق الإطاري الموقع بين المدنيين والعسكريين بالسودان، بهدف لتحقيق أجندة أميركا التكتيكية، أو الاستراتيجية، ويمثل القرار تهديدا وضغطا لغير الراغبين في التحول المدني الديمقراطي.
الحركات المسلحة
وقال رئيس قسم العلاقات السودانية الأمريكية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية مكي المغربي لـ (سلا نيوز) “أعتقد أن القرار الأمريكي موجه لرافضي الاتفاق وعلى وجه التحديد الحركات المسلحة، لكنه أيضا يشمل الآخرين الذين تم تحديدهم من قبل بهذه العقوبات”.
ووصف المغربي القرار الأمريكي بالضار لواشنطن. وتابع “هذا ما قاله باحثون ومفكرون أميركيون لأنها عقوبات أميركية فقط لا تلتزم بها أوروبا ولا المجتمع الدولي”.
روسيا والصين
وأوضح المغربي أنه من السهل جدا للذين كونوا (ثروة) وعلاقات دولية أن يستبدلوا مصالحهم مع أميركا بأي مصالح أخرى، ومع أي طرف من الدول الغربية. وتابع المغربي “لا أقصد هنا روسيا أوالصين، فالفرص لديهما أوسع من ذلك، بدليل أن دولة كندا غير معنية بالعقوبات الأميركية بصورة مباشرة”.
وذكر المغربي “في هذا السياق لابد أن نورد هنا مثالا حول العقوبات الاقتصادية التي تتبعها أميركا، حيث أكد باحثون أميركيون أنها كانت السبب الأساسي في تنامي قوة الصين، لأنها برزت كبديل رخيص ومتعاون لتزويد الدول بكل ما تريده وانفتح لها الباب الذي أغلقته أميركا على نفسها وفتحته للصين “.

وكان المغربي قد كتب مقالاً، في وقت سابق، في مركز مبادرات السلام والإعلام الأميركي تحدث فيه عن ذات الموضوع بعنوان “لا يمكن لأميركا أن توقد الشمعة من الجانبين، وعليها أن تختار بين أن تعاقب قادة الانتقال أو تعمل معهم من أجل التحول الديمقراطي وتحقيق العدالة الانتقالية في السودان”.
كسر شوكة الإسلاميين
بدوره، أوضح الخبير الاستراتيجي محمد عجيب لـ (سلا نيوز) أن القرار الأميركي جزء من الإجراءات التي تمت في السودان وللسفير الأمريكي جون غودفري، دور كبير في التوصل لهذه التسوية.
وقال عجيب إن الإداره الأميركية لها موقفان تجاه السودان أولهما (تكتيتي)، وهو يتماشى مع قوى الحرية والتغيير بدعم السلطة خلال الفترة الحالية، لأن واشنطن لها أجندة تحتاج لتمريرها في الوقت الحالي بالسودان لذا أميركا – بحسب عجيب – تحرص على وجود أحزاب الحرية والتغيير واليسار في السلطة باعتبارها فترة (مؤقته) ليرعى طرفا الاتفاقية تحقيق التحول الديمقراطي ومطلوبات الانتخابات والإحصاء السكاني بجانب كسر شوكة الإسلاميين في المرحلة الراهنه باعتبارهم غير مرغوب فيهم.
وبين الأهداف (الاستراتيجية) لأميركا قال عجيب إنها لا تقبل بوجود حكومة تسيطر عليها أحزاب اليسار. ودلل عجيب حديثه بقراة تاريخية حول صراع حزب البعث العربي الاشتراكي والإدارة الأميركية، فهو صراع قديم معروف منذ سقوط الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.
مفارقة الموقف الأمريكي

وأكد عجيب أن سياسات الإدارة الأميركية في القرن الأفريقي، لاتسمح بوجود حكومة تسيطر عليها أحزاب اليسار في السودان، لذا – بحسب عجيب  – توجد مفارقة في الموقف الأميركي بين مطلوبات الساعة وضرورة وجود حكومة قادرة على تحقيق الاستقرار في السودان، وهو ما يرسم ملامح الإدارة الأميركي، وهذا -ولا يزال الحديث لـ  عجيب – ما يجعل سياسة العصا والجزرة قائمة من قبل الإدارة الأميركية نحو اختيار الحكومة المقبلة.

وأكد عجيب أن أميركا تضع في اعتبارها الأمن والاستقرار في الدول المجاورة للسودان، وهي دول تربطها مع أميركا تحالف ومصالح مثل تحقيق الأمن القومي في دولتي مصر وإسرائيل ومنطقة القرن الأفريقي التي يعد استقرارها وأمنها من أهداف السياسة الأميركية في المنطقة.
المصالح الأمريكية
وقالت المختصة في العلاقات الدولية بمركز الدراسات الددلوماسية بجامعة الخرطوم تماضر الطيب لـ (سلا نيوز) إن القرار يمثل شكلا من أشكال التهديد والضغط، وقالت “لا أستبعد تنفيذ القرار حال ثبت نشاط فرد أو مجموعة ضد التحول المدني”.
وذكرت تماضر أن القرار يوضح رغبة أميركية في دعم التحول للحكم المدني الكامل وفي نفس الوقت استخدامه كوسيلة ضغط على المؤسسة العسكرية والمجموعات المدنية التي لا ترغب في التحول الديمقراطي، وتلك التي تدعم وجود المؤسسة العسكرية في الحكم. وتابعت “في تقديري أن القرار جاء متأخرا، ولهذا يمكننا القول إن أمريكا التفتت الآن إلى ضرورة الاستقرار في السودان، تماشيا مع مصالحها”.
محاسبة العسكريين والسياسيين
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الأربعاء، إن الولايات المتحدة ستتوسع في سياسة تقييد التأشيرات المتعلقة بالسودان لمحاسبة العسكريين والسياسيين الذين يقوضون العملية الديمقراطية في البلاد أو يعطلونها.
وقال بلينكن في بيان، إن هذه السياسة ستشمل “أي مسؤولين سودانيين حاليين أو سابقين أو غيرهم ممن يُعتقد أنهم مسؤولون عن تقويض الانتقال الديمقراطي في السودان أو متواطئون فيه، بما في ذلك من خلال قمع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأقاربهم من الدرجة الأولى”.
ويأتي التحرك الأمريكي بعدما وقعت الأحزاب السياسية السودانية والجيش السوداني اتفاقا إطاريا يوم الاثنين قالوا إنه تدشين لمرحلة انتقال سياسي يقودها مدنيون لعامين وتنتهي بإجراء انتخابات، ويهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية، التي شابتها مواجهات عنيفة في بعض الأحيان، بعد انقلاب أكتوبر تشرين الأول 2021.
وواجه الاتفاق، الذي قد يمثل مرحلة جديدة للسودان، بالفعل معارضة من جماعات الاحتجاج التي تعارض إجراء مفاوضات مع الجيش ومن الفصائل الإسلامية الموالية لنظام الرئيس السابق عمر البشير الذي أطيح به في عام 2019.
ورحبت الولايات المتحدة وشركاؤها بالاتفاق وحثت جميع الأطراف على بذل جهود منسقة لإنهاء المفاوضات حول حكومة جديدة بقيادة مدنيين

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.