آخر الأخبار

اتهامات متبادلة بين الثوار والسلطات.. من الجاني ومن المجني عليه؟

تقرير – سلا نيوز

بعد يوم من وضع مبعوث الأمم المتّحدة إلى السودان فولكر بيرثيس المشهد السوداني على طاولة مجلس الأمن التي جلس حولها الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن الدولي، بمن فيهم الستة الداعون للجلسة، بعد يوم من الجلسة المغلقة، عمت طرقات الخرطوم فوضى قادتها القوات الأمنية المختلفة استخدمت فيها جميع الأسلحة بما فيها البيضاء ضد المحتجين على الانقلاب العسكري، ما أدى إلى مقتل اثنين على الأقل وإصابة العشرات، فيما قالت الشرطة إن ضابطاً برتبة عميد قضى نحبه أثناء تأدية واجبه في حماية المحتجين.


منذ الانقلاب الذي نفّذه في 25 أكتوبر/ تشرين الأول قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان على شركائه المدنيين في السلطة، تعطّل مسار المرحلة الانتقالية التي كان قد تمّ الاتفاق عليها بين العسكر والقوى المدنية في آب/أغسطس 2019 بعد بضعة أشهر من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في العام نفسه عقب احتجاجات شعبية استمرت أربعة أشهر.
ومذّاك لا ينفكّ السودانيون يخرجون، بعشرات الآلاف أحياناً، إلى الشوارع للمطالبة بإبعاد العسكر عن السلطة وبحكم مدني خالص.
وأسفر قمع قوات الأمن لهذه التظاهرات الاحتجاجية عن مقتل أكثر من 60 شخصاً، معظمهم بالرصاص الحيّ، وإصابة المئات، وفق حصيلة أعلنتها لجنة الأطباء المركزية.


فيما ظلت الشرطة السودانية – دوماً – تتهم المتظاهرين خلال الاحتجاجات بالجنوح عن السلمية، مؤكدة تعدي البعض منهم على القوات الأمنية ومقارها وممتلكاتها، إلى جانب استخدامهم – في مواجهتها – عبوات الملوتوف والقذف بالحجارة والأجسام الصلبة واستخدام مسامير وحديد لإتلاف إطارات مركبات القوات وإعاقة تقدمها، وفي حين ترى أنها تؤدي واجباتها القانونية في تأمين المتظاهرين والممتلكات العامة والخاصة، مؤكدة اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، تتهم لجان المقاومة والمتظاهرون ولجان طبية القوات الأمنية بابتدار العنف واستخدام القوة المفرطة والرصاص الحي في مواجهة المواكب السلمية.

اتهمت لجان المقاومة في عدة أحياء بالخرطوم الشرطة بـ (فبركة) مقتل العميد لإضفاء الشرعية والتبرير لقمعها المفرط للمحتجين وملاحقتهم داخل الأحياء لدرجة استقبال مستشفيات بحري والجودة للعشرات من المصابين منهم.
القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد ناجي الأصم أكد أن الثورة سلمية وستظل سلمية. وقال “إن الانقلابيين الذين يتمنون في كل لحظة بل ويسعون عبر مؤامرات مفضوحة أن ينحى الثوار نحو العنف حتى يوحدوا قواتهم ويجدوا مبرراً للعنف أن يبحثوا عن خطة أخرى، فهذه خطة فاشلة ومكشوفة”.


وفيما تداولت الأسافير معلومة عن مقتل العميد مفادها أن الحادثة حدثت قبل تسيير المواكب، وأن تسريبات أشارت إلى أن بعض أفراد أسرة القتيل قالوا بذلك، إلا أن أكثر من مصدر شرطي أكد أن الحادثة جاءت في الزمان والمكان المحددين، وهما أثناء الاحتجاجات.

من جهته نفى مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة بالشرطة الدكتور حسن التجاني صحة الأخبار المتداولة بشأن مقتل العميد علي بريمة، واصفا إياها بالكاذبة، قائلاً إن العميد بريمة تم طعنه في ظهره بساحة شروني جوار معمل استاك عندما كان يسعف أحد الجنود المصابين من قواته التي كانت تعمل على تأمين التظاهرات .
وأشار التجاني لـ (إذاعة بلادي) إلى وجود من وصفهم بأصحاب الأغراض والأهداف الدنيئة الذين يسعون لإحداث الفوضى وسط المتظاهرين.
خبير أمني – طالب بحجب اسمه – أوضح لـ (سلا نيوز) أن تداعيات الحادثة مريبة، خصوصاً خروجها إلى الملأ بعد يوم من إعلان مجلس الأمن الدولي دعم جهود المبعوث الأممي وسعيه لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين المكوّنين المدني والعسكري في البلد الغارق في أزمة سياسية حادّة، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية. وقال الخبير الأمني إن هناك عدة شواهد تدفع باتجاه سعي السلطات لتجريم المتظاهرين. واستبعد رواية مقتله من قبل محتجين، لجهة أنه لا توجد ضرورة البتة لاحتكاك رتبة رفيعة كـ (عميد) بمحتجين.

في ديسمبر من العام الماضي اتهمت لجنة تنسيق شؤون الأمن ولاية الخرطوم (٢٠٠٠) شخصاً بالاعتداء على قسم شرطة الصافية بحري، واقتحام القسم وإحراق ونهب معروضات ونهب محتويات القسم واتلاف الأثاثات وتهشيم الزجاج ونهب بندقية وإحراق أخرى، وإصابة ضباط وجنود و إخراج (٤) منتظرين من الحراسة مما أدى لهروبهم، فيما اتهمت قوى الحرية والتغيير السلطة بافتعال حرق مركز شرطة الصافية ونشر عصابات مسلحة لنشر الفوضى وجر الثائرات والثوار الشرفاء لمربع العنف.
وفي ذات السياق قالت لجان أحياء بحري إن السلطة أقدمت بعصابات مدفوعة لحرق قسم شرطة الصافية واعتبرتها محاولة لجر المتظاهرين إلى مربع العنف.
وقبل حادثة حرق قسم الصافية اتهمت الشرطة في نوفمبرالمحتجين بحرق قسم شرطة النجدة بالشعبية نفت لجان مقاومة بحري ضلوعها في الأمر ووصفت بالمسرحية الواضحة. وقالت في بيان لها “بدأ الانقلابيون بخططهم للإيحاء بأن مقاومة المواطنين بمدينة بحري ضد انقلاب (قائد الجيش عبد الفتاح) البرهان غير سلمية”.

وأكدت أن “قوات الشرطة – حينها. – قررت الانسحاب من قسم (مقر) شرطة النجدة بمنطقة الشعبية بحري تقاطع المؤسسة، وترك القسم خاليًا حتى من أفراد الحراسة؛ حيث تسللت مجموعة منهم وقامت بأعمال تخريبية وحرائق لجر الثوار والشارع من السلمية وصنع مبرر واهٍ لاستباحة الأحياء والبيوت والقمع المفرط” حسب بيانها.

لم تنف السلطات قط استخدامها العنف والقمع المفرط على المحتجين على الانقلاب، خصوصاً وهناك مئات مقاطع الفيديو التي تكشف – بجلاء – منسوبيها وهم يمارسوها أقسي أنواع الضرب والسحل، بل وحتى في حق غير المشاركين في المواكب، ولكنها دائماً ما تبحث عن مبررات لذلك، بل وتبحث عن شرعنة له.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.