الخرطوم – موضي بشرى
من المحتمل أن يتم التوقيع على الاتفاق الإطاري النهائي بين المدنيين والعسكريين في يوم الخميس السادس من أبريل الحالي، بدلا عن يوم السبت الأول من أبريل كما أعلن مسبقا.
يمثل السادس من أبريل – وهو اليوم الذي تمت فيه الإطاحة بنظام نميري في العام 1985 – رمزا ثوريا ونضاليا، استلهمه السودانيون في 2019 ليكون الحدث الأضخم والموكب الأعظم في حراك الثورة، وقد سبقه حراك سياسي على مستوى الأحزاب والكتل السياسية أسفر عن إعلان الحرية والتغيير وأودى بنظام البشير في الحادي عشر من ذات الشهر.
وعقب توقيع الوثيقة الدستورية بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي وتشكيل الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك تلاحقت الأحداث وتفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، وظل السادس من أبريل من كل عام منبرا شعبيا للتعبير عن رفض الأوضاع القائمة في البلاد وتنظم فيه لجان المقاومة في السودان تظاهرات ضخمة تضج بها الشوارع وتتعالى فيها هتافات المطالبة بالحرية والسلام والعدالة والتى يرى كثيرون انها لم تتحقق بعد.
الملاحظ أنه ورغم حالة الشد والجذب بين طرفي الحكم – المدنيين والعسكريين – فإن الشق المدني لم يستثمر زخم هذه التظاهرات لإحداث فعل سياسي للضغط على الشق العسكري الذي ظل دوماً يسبقه بخطوة أو اثنتين، بل حدث أن لجأ والي الخرطوم المدني أيمن نمر – حينها – إلى إغلاق الطرق والجسور الرابطة بين مدن العاصمة الثلاث عشية ذكرى السادس من أبريل 2021، هذا الفعل إضافة إلى واقف أخرى خلقت حالة انفصال بين الحراك الشعبي والمنظومات السياسية، وأصبحت هناك ثلاث قوى تؤثر في المشهد السياسي : لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير من الجانب المدني، والمكون العسكري، وظلت تتكرر دعوات توحيد قوى الثورة طوال الفترة الانتقالية واستمرت بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر دون نتيجة ملموسة.
العملية السياسية القائمة منذ ديسمبر 2022 وتوصلها لاتفاق إطاري يقول مؤيدوه إنه من شأنه إنهاء الانقلاب ويؤسس لتحول مدني ديمقراطي حقيقي تتعالى الأصوات هنا وهناك مشككة في جدوى هذه العملية وترى أنه مجرد إعادة إنتاج للأزمة، كما ذهبت بعض القوى المدنية إلى إعلان رفضها للعملية جملة وتفصيلا مثل الحزب الشيوعي السوداني، وأعلن البعض رفضه لشكل العملية وبعض تفصيلاتها مثل المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، والذي أكد أمين الشباب والقيادي فيه (كرار عسكر) رفض المجلس للاتفاق، وقال مخاطبا أطراف الإطاري :”لا تختبروا صبرنا، نحن نتحدث حول الإصلاح السياسي بعدم الإقصاء السياسي لشرق السودان وأنتم تتحدثون حول الإصلاح الأمني فقط لذا سوف نذهب إلى إغلاق أكبر من إغلاق الأول من أبريل رفضا للاتفاق الإطاري الاقصائي الذي يقوده موقعو مسار الشرق في مفاوضات جوبا ونطالب القوات النظامية الوقوف على مسافة واحدة من الجميع”.
كما أفاد عضو لجان مقاومة الكلاكلة القلعة وعضو حركة الحقوق الشبابية نبيل قاسم أن هناك تباينا في وجهات النظر، فمنهم من يرى أن الاتفاق الإطاري أحد الحلول الجذرية وعلى الجميع السير في اتجاهه لإخراج البلاد من حالة الانقلاب وعدم الاستقرار السياسي، بينما يرى البعض الآخر أن هذا الاتفاق لا يشكل أي تغيير بل يزيد من تعقيد الأزمة السياسية.
كما صرح فضيل عمر المتحدث باسم لجان مقاومة الخرطوم “الاتفاق الإطاري يمثل وجهة نظر الأحزاب السياسية التي رأت أن الحل السياسي يكمن في التفاوض مع المجلس الانقلابي على عكسنا تماما نحن نؤمن بأن الإطاحة بالإنقلابيين هي الحل الأساسي لمشكلة الانقلابات التي توالت علينا، فهؤلاء القتلة ما لم يتم الزج بهم في السجون وتعريضهم للمساءلة القانونية جراء ما فعلوه بهذا الشعب ربما يحفز قادات عسكرية أخرى للقيام بالانقلاب مستقبلا”، مضيفا “لذلك نتبع كلجان مقاومة في الوقت الراهن سياسة التصعيد الثوري المتمثلة في الحراك السلمي من مواكب ووقفات احتجاجية وغيرها من الفعاليات المتعددة والمتنوعة التي لا تحيد عن السلمية، كما نستخدم أيضا المواجهة عبر القيام بالنشاط السياسي من ندوات ومخاطبات ونقاشات تُعري وتكشق مؤامراتهم والتقرب من المواطنين داخل الاحياء وربط قضاياهم بالإنتقال الديمقراطي”.
وقال: “يُعدُّ السادس من أبريل تاريخا مهما لكن لا نعمل عليه على أساس أنه آخر تحرك تجاه إسقاط الانقلاب، ففي الوقت الحالي تقوم لجان المقاومة في كل السودان بالمواكب الليلية والمخاطبات وتوزيع القصاصات وجميع الوسائل الأخرى للإعلان للموكب باعتبار السادس من أبريل فجّر الروح المقاومة داخل الشعب السوداني مما مكنه من اقتلاع نظام إغتصب السلطة ثلاثين عاما، كذلك هو ليس سدرة المنتهى وإنما هو توسيع نطاق الثورة أكثر فأكثر”.
فماذا سيقول السادس من أبريل 2023؟