الخرطوم – مصطفى سعيد
منذ فجر انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، انخرطت شوارع مدن وقرى السودان في حراك جماهيري واسع مناهض للانقلاب العسكري، وظل هذا الحراك يتأرجح ما بين الزيادة والنقصان، يتذبذب وفقا لمعطيات الراهن السياسي الذي ظلَّت تكتنفه على الدوام حالة من الضبابية بسبب تصاعد تصاعد وتيرة التباينات بين اللاعبين السياسيين داخل المعسكر الواحد والمعسكرات المختلفة.
عملية سياسية
بتاريخ26 مارس الماضي، أعلن الناطق الرسمي باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف، الجدول الزمني المتفق عليه من قبل القوى الموقعة على الإتفاق الإطاري والمكون العسكري بشقيه الجيش والدعم السريع لإنزال الاتفاق على أرض الواقع، حيث تقرر تجميع الملاحظات حول المسودة حتى يوم 26 مارس، وإدماج توصيات ورشة الإصلاح الأمني والعسكري فيها، ليكون التوقيع على الاتفاق في الأول من أبريل الماضي، لكن بسبب خلافات بين قادة الجيش والدعم السريع حول عملية الدمج والترتيبات الأمنية، لم تتشكل الملامح النهائية للاتفاق، مما تسبب في تأجيل التوقيع حتى السادس من أبريل (أمس)، كذلك مرَّ اليوم مرورا عاديا وسط إحباط كبير بين مؤيدي العملية السياسية.
6 أبريل
ارتبط تاريخ السادس من أبريل لدى السودانيون بأحداث هامة، حيث يصادف تاريخ الانتفاضة على نظام الرئيس السابق جعفر نميري، ويصادف التاريخ في هذا العام الذكرى الرابعة لوصول واعتصام المحتجين للقيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم وعدد من الوحدات العسكرية في ولايات السودان.
جاءت الذكرى في هذا العام وسط أجواء من الترقب بعد أن أعلنت القوى السياسية عن الموقعة على الاتفاق الإطاري توقيعه في السادس من أبريل.
وشهدت العاصمة الخرطوم ومدن عدد من ولايات أبرزها بورتسودان ومدني ونيالا والقضارف خروج آلاف المتظاهرين الذين يطالبون بإسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين. وواجهت القوات الأمنية هذه الاحتجاجات بإطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.
الشاهد في هذه الاحتجاجات زيادة عدد المحتجين بعد أن تقلَّص بشكلٍ ملحوظ في الفترة السابقة.
ويقول ياسين أحمد، عضو لجان مقاومة الخرطوم، إن زيادة أعداد المحتجين هي رد فعل طبيعي لما تواجهه قطاعات واسعة من الشعب السوداني من ظروف اقتصادية صعبة، وانعدام الأمن، والتدهور المطّرد في الخدمات.
وأرجع ياسين كل ذلك إلى انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر. ويرى أن للعملية السياسية مؤيدين ومعارضين حتى من داخل لجان المقاومة، وفي حال فشلت هذه العملية فإن القوى الساسية وقوى الثورة الحية ليست لها أي آليات مقاومة أخرى سوى المقاومة السلمية المتمثلة في التظاهرات والمواكب والوقفات الاحتجاجية بجانب سلاحي العصيان المدني والإضراب السياسي.
من جانبها، دعت قوى الحرية والتغيير في بيان لها القوى المدنية والأجسام المهنية والنقابية ولجان المقاومة ومنسوبي مكونات الحرية والتغيير للمشاركة في موكب السادس من أبريل، وشددت على التمسك بالسلمية، كما طالبت الأجهزة الأمنية والعسكرية بحماية المواكب وحذَّرت من أي تعامل عنيف تجاه المشاركين.
يقول عبد الباقي الرشيد، وهو داعم للاتفاق الإطاري، إنه خرج في السادس من أبريل لمواصلة الضغط على العسكريين لتسليم السلطة للمدنيين، ويرى أن التوصل لاتفاق مع المكون العسكري لا يعني حتمية تراجع الحركة الجماهيرية، وتؤيدة في ذلك عضو لجان مقاومة أم درمان، ريان أحمد، قائلة إن آليات المقاومة تتكامل ولا تتعارض مع بعضها البعض، لذلك ليس غريبا أن تنخرط كوادر قوى الحرية والتغيير في هذه المواكب وتكون جزءاً منها.
عوامل وحدة
أستاذ العلوم السياسية د. خيري إبراهيم، يرى أن عودة الحراك الجماهيري إلى زخم البدايات يعود لعدة أسباب، أولها وأهما نشاط عناصر النظام البائد، حيث يعتبر هذا العامل من العوامل التي توحد قوى الثورة تجاه عدو واحد، وهو نظام المؤتمر الوطني، فتستشعر هذه القوى خطورة الموقف مع احتمالية عودة النظام البائد لساحة السياسة السودانية، مما يجعلها تتخطى خلافاتها الثانوية وتجتمع حول الهدف الأساسي.
كذلك يقول د. خيري إن إرهاصات تعثر الاتفاق الإطاري ربما تجعل القوى الموقعة عليه مستعدة لسيناريو المقاومة بسبب ضعف الثقة بين مكونات الاتفاق، مما يجعل لدى القوى السياسية طريقين، طريق إجبار العسكريين على الاتفاق، وطريق الضغط الجماهيري.