الخرطوم- سلا نيوز
على مدار نحو 72 ساعة، لا يزال السودان، بين نداءات السلام الدولية والعربية، وأصوات الرصاص المتصاعدة بين حليفي الماضي القريب، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش، ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” الذي يقود “قوات الدعم السريع” شبه العسكرية.
فيما يلي رصد حصيلة ساعات المواجهات السودانية التي يراها مراقبون “الأكبر” بتاريخ البلد المنهك اقتصاديًا وسياسيًا منذ الإطاحة برئيسه السابق عمر البشير (1989-2019)، ولا يُعرف لها أفقٌ قريب.
وجاءت تلك المواجهات المسلحة بعد تأجيل توقيع اتفاق سياسي للمرحلة الانتقالية، كان مقررًا في 5 أبريل/ نيسان الجاري، لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان في 2021 إجراءات استثنائية اعتبرها الرافضون “انقلابا عسكريا”، بينما قال هو إنها تهدف إلى “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”.
ووفق بيانات رسمية وتصريحات صحفية، جاءت حصيلة تلك الساعات الحرجة بين الطرفين كالتالي:
أولا: 4 أسباب للتصعيد
وفق بيان للخارجية السودانية، الإثنين، هناك 3 أسباب رسمية للتصعيد:
1- “تمرّد قوات الدعم السريع على الجيش السوداني في عدد من المواقع بالعاصمة الخرطوم وبعض المدن الأخرى”.
2- “فشل كافة الوساطات المحلية والإقليمية والدولية في إقناع قيادة الدعم السريع بالاندماج في الجيش”، وسط أحاديث أنه كان يطالب بـ10 أعوام للاندماج رافضًا مطالب عامين لتحقيق ذلك.
3- “هجوم قوات الدعم السريع على مقر تواجد البرهان بقيادة الجيش قبل ساعات من عقد اجتماع مع حميدتي (48 عامًا)”.
4- فيما تحدث المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع، يوسف عزت، لقناة سكاي نيوز الإماراتية، بأن سبب اندلاع المواجهات يعود إلى “حرص البرهان على البقاء بالسلطة”، نافيًا أن تكون “قضية الدمج هي القضية المركزية بالخلاف”.
ثانيا: حجم المتنازعين
قوات الجيش و”الدعم السريع” تتمركز في كل ولايات البلاد الـ18.
الجيش النظامي بقيادة البرهان أكبر عددًا وأكثر تسليحًا بما لديه من دبابات وطيران حربي، فيما يقود حميدتي قوات “الدعم السريع” شبه العسكرية ، المزودة بأسلحة خفيفة وعربات مدرّعة ولديها خبرة قتالية بحروب الصحراء، دون قوة جوية.
الجيش تم تشكيله رسميًا بعد 1956 ولا يعرف عدد قواته أو تفاصيل معدّاته بشكل دقيق، فيما يعود تاريخ تشكيل قوات “الدعم السريع” إلى 2013 بهدف مساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور (غرب)، ثم تولت مهامّ أخرى منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن.
قوات الجيش هي الجهة المسلحة الشرعية المعترف بها رسميا بالبلاد، ولم يصدر شيء بخلاف ذلك لا سيما من حميدتي، فيما وصف البرهان قوات “الدعم السريع” بأنها “متمردة وتقود محاولة انقلابية”.
حميدتي في رسالة باللغة الإنجليزية، طالب “المجتمع الدولي بالتحرك والتدخل ضد البرهان الذي اعتبره راديكاليًا إسلاميًا”، دون أن يحدد طبيعة ذلك التدخل، غير أن الخارجية السودانية، أكدت في بيان، الإثنين، أن الأزمة “شأن داخلي ينبغي حلّه بعيدًا عن التدخلات الدولية”.
الجيش مدعوم ماليًا من الدولة، فيما تتحدث تقارير غير رسمية عن أن حميدتي “يمتلك مصادر مالية مستقلة جراء السيطرة على مناجم ذهب”.
ثالثا: مسرح المواجهات
السبت: حديث الجيش عن هجوم “الدعم السريع” على مقر يوجد فيه البرهان، فيما تتهم قوات حميدتي الأول بأنه هاجم إحدى قواعدها، قبل أن تتوسع دائرة الاشتباكات وادعاءات كل طرف بالسيطرة على مواقع تخصّ كلًا منهما.
الأحد: الاشتباكات تتوسع في 9 ولايات.
الجيش يقول إنه “سيطر” على جميع المقارّ التي تتبع “الدعم السريع” في عدة مدن ومناطق، ومطار مروي (شمال) وقيادة قطاع كردفان (جنوب)، نافيًا صحة إعلان “الدعم السريع” السيطرة علي مقرات تابعة للقيادة العامة للجيش وسط الخرطوم.
ليلة الأحد/ الإثنين: لم تنقطع أصوات القصف الجوي والمدافع الأرضية في عدة مناطق بالعاصمة الخرطوم، حيث مقرّ القيادة العامة للجيش، وحول المطار الدولي والقصر الرئاسي.
الإثنين: تزايدت طلعات الطيران الحربي ودخلت الدبابات ساحة المعارك بشوارع الخرطوم، وسط صراع عنيف وتبادل إعلان السيطرة على مطاري الخرطوم (وسط) ومروي (شمال) الاستراتيجيين.
“الدعم السريع” تعلن بسط “سيطرة كاملة” على القصر الجمهوري بالخرطوم ومحيطه”، والجيش يصفها بالـ “مزاعم”.
رابعا: ضحايا المواجهات
97 قتيلا و942 مصابا، وفق حصيلة أولية للجنة أطباء السودان، الإثنين، تشمل المدنيين والعسكريين.
180 قتلوا و1800 آخرين أصيبوا، خلال 3 أيام، وفق المبعوث الأممي لدى السودان فولكر بيرثيس.
خامسا: نداءات السلام
دعت تركيا في بيان للخارجية، جميع الفرقاء في السودان إلى “التمسك بمكتسبات العملية الانتقالية وإلى الهدوء والحوار”.
وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن قال : يجب “وقف فوري” لأعمال العنف في السودان والعودة إلى المحادثات.
وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي: “على الأطراف السودانية جعل السلام أولا”.
رئيسا مصر عبد الفتاح السيسي وجنوب السودان سلفاكير ميارديت: “ندعو لوقف فوري للقتال، ومستعدون للوساطة”.
الخارجية المصرية: “أبلغنا طرفي الأزمة بالسودان، بضرورة وقف النار، ونؤكد على بذلنا جهودا في هذا الإطار بالتنسيق مع السعودية”.
الخارجية السعودية: “أبلغنا البرهان وحميدتي بأهمية التهدئة والعودة إلى الاتفاق الإطاري”.
رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: “يجب وقف التصعيد في السودان”.
المندوبون الدائمون لجامعة الدول العربية بعد عقد اجتماع طارئ: “يجب وقف القتال والعودة للحوار”.
رئيس تشاد، محمد إدريس ديبي، يبلغ البرهان وحميدتي هاتفيًا، أهمية وقف إطلاق النار والعودة للحوار.
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، من العاصمة الإماراتية أبو ظبي: “أدعو لوقف فوري للقتال، والسلام هو الخيار الوحيد”.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “أناشد لإنهاء القتال فورا”.
وفد يضم رؤساء كينيا وجيبوتي وجنوب السودان سيتوجه للسودان للتوفيق بين طرفي النزاع.
الاتحاد الإفريقي: “رئيس المفوضية موسى فكي محمد سيتوجه للسودان لبحث وقف إطلاق النار”.
مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقي: “نطالب بوقف إطلاق النار فورًا”.
سادسا: مواقف لافتة
بخلاف المطالبات بوقف إطلاق النار، كانت هناك مواقف لافتة:
الخارجية التركية: الوضع غير مناسب للسفر للسودان مع استمرار إغلاق المجال الجوي في السودان.
الخارجية المغربية تطلب من رعاياها بالسودان عدم مغادرة المنازل في الوقت الراهن، داعية مواطنيها إلى تأجيل سفرهم للخرطوم حاليا.
الخارجية الكويتية تعلن أنها تدرس إجلاء رعاياها من السودان.
الخارجية المصرية طالبت السودان بحفظ أمن جالية بلادها، بعدما أعلنت قوات الدعم السريع أن بحوزتها عسكريين مصريين، فيما أكد الجيش المصري أنهم كانوا في تدريب عسكري مع نظرائهم بالسودان.
الخطوط الجوية القطرية والسعودية، تعلنان تعليق رحلاتهما من وإلى السودان حتى إشعار آخر.