سلا نيوز – العربي
دعت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس)، أمس الأحد، إلى وقف القتال في ولايتي غرب وجنوب كردفان.
وقالت البعثة الأممية في بيان: إن “بعثة الأمم المتحدة تشعر بالجزع من ارتفاع العنف مؤخرًا في ولايتي جنوب وغرب كردفان في المناطق المأهولة بالسكان”.
وأضاف البيان أن “التقارير تشير إلى أن أجزاء من مدينة كادوقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان تعرضت للقصف من قبل الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو في 16 أغسطس/ آب الجاري، وأعقب ذلك قصف واشتباكات بين الجيش السوداني والحركة الشعبية أدى إلى تشريد السكان المحليين وأسفر عن خسائر في صفوف المدنيين”.
والأربعاء، أعلن الجيش، مقتل 40 مسلحًا من قوات “الحركة الشعبية ـ شمال” بقيادة الحلو، في ولاية جنوب كردفان جنوبي البلاد.
وخلال الأعوام الأربعة الأخيرة، مددت حكومة الخرطوم و”الحركة الشعبية/ شمال”، اتفاق وقف إطلاق النار بينهما في المناطق الخاضعة لسيطرة كل منهما.
وينشط قتال “الحركة الشعبية” في منطقتي جنوب كردفان، والنيل الأزرق منذ عام 2011، من أجل الحصول على وضع خاص للمنطقتين.
وأوضحت البعثة الأممية في البيان، أن مدينة الفولة حاضرة ولاية غرب كردفان تشهد منذ 16 أغسطس الجاري، تصاعد القتال بين الجيش والدعم السريع، وتم نهب مكاتب الحكومة وَالمصارف والأمم المتحدة، ومكاتب منظمات غير حكومية.
وأضاف البيان: “يجب أن تتوقف جميع الأعمال العسكرية والتعبئة فورًا لتخفيف معاناة السكان المتضررين”.
ونقل البيان عن رئيس البعثة الأممية، فولكر بيرتس، قوله: “يجب على الأطراف المتحاربة العودة إلى الحوار لتسوية خلافاتهما”.
والأحد، شهدت العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، اشتباكات بأسلحة ثقيلة وخفيفة بين الجيش والدعم السريع، التي حشدت قوات خارج مدينة النهود بولاية غرب كردفان (جنوب)، وفقًا لشهود عيان.
ويتبادل مجلس السيادة الانتقالي، برئاسة عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال في منتصف أبريل/ نيسان الماضي وارتكاب انتهاكات خلال هدنات متتالية، ما خلّف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وما يزيد عن 4 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، وفقًا لوزارة الصحة والأمم المتحدة.
اشتباكات مستمرة ووضع إنساني يواصل التدهور
وفي سياق متصل، قتلت امرأتان وأصيب آخرون إثر قصف صاروخي لقوات الدعم السريع على حي كرري شمالي الخرطوم، بحسب ما ذكرته تنسيقية لجان مقاومة كرري.
كما قتل شابان في حي السلمة، إثر سقوط قذيفة على سوق شعبي أثناء المعارك في محيط مقر سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم.
ويعد المقر أحد أهم مقار الجيش والقيادة البديلة للجيش بعد القيادة العامة.
فالرصاص والقذائف ما زالت تفيق مدن الخرطوم ويشتد القتال، حيث تستمر في مناطق جنوبها في أحياء جبرة ويثرب والصحافة والعشرة والدين والامتداد ساحة قتال لا يتوقف إلا ليبدأ مجددًا، حيث يسير في الشوارع، المسلحون من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع جنبًا إلى جنب مع الموت.
فالمدينة على قلة سكانها تعاني النقص في الكهرباء والمياه وخدمات الاتصالات، أما عاصمة ولاية جنوب دارفور فالقوات تشتبك في حرب شوارع منذ أسبوع والجيش، يتمسك بحاميته.
وفي مقابل حرب مستعرة، تتواصل عمليات نزوح تجاه المناطق الأقل خطرًا وسط قذائف الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وفي الطريق كل المخاطر بما فيها النهب والسلب وقلة المواد الغذائية وانعدام المساعدات الطبية، والنزوح سيرًا على الأقدام وبوسائل المواصلات كلها.
إلى ذلك، يمضي الشهر الخامس ولا تعرف نهاية للقتال، بل ويزحف كل يوم على منطقة جديدة بعد دخول من ولاية إقليم كردفان بانضمام الفولة غربها إلى ساحة الحرب، بينما تكابد الحصار عاصمة شمال كردفان الأبيض.
كما يتوالى خروج المستشفيات من الخدمة بحسب لجنة نقابة الأطباء في السودان، وينتشر قطع الطرق المؤدية إليها من كل الاتجاهات من عصابات وجدت الأجواء مناسبة.
وفي جنوب كردفان تزحف قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال بزعامة عبد العزيز الحلو على عاصمتها كادوقلي التي أفلتت من حصاره فلم تسلم من تطويق قوات الدعم السريع لها.
ما هي أسباب هجمات قوات الدعم السريع؟
وفي هذا الإطار، يشير الكاتب الصحافي ضياء الدين بلال الكاتب الصحفي، إلى أن هناك استهدافًا خاصًا من قبل قوات الدعم السريع للمدرعات، لأنها تعتبر السلاح الإستراتيجي للجيش السوداني، وتمثل أيضًا حائط الصد الأساسي للقيادة العامة، وهو من الوحدات التي استهدفها الدعم السريع بكثير من الهجمات في الوقت السابق، كما استهدف القيادة العامة، ولكنه فشل في كل هذه المحاولات، واليوم تكرر هذا الفشل.
وفي حديث لـ”العربي” من استديوهات لوسيل، يضيف بلال أن قوات الدعم السريع لم تستطع السيطرة على المدرعات وهي هدف إستراتيجي بالنسبة له كما هي مكان إستراتيجي بالنسبة للجيش السوداني، لذلك يدافع هذا الأخير عنه ويذود عنه بجسارة وبقوة عبر تخطيطات عسكرية مختلفة، مشيرًا إلى أن محاولات الدعم السريع هي من المحاولات التي يمكن أن توصف بأنها شبه الانتحارية، خاصة وأن المدرعات الآن هي في موقع حصين.
ويعرب بلال عن اعتقاده أن ما تقوم به الدعم السريع من هجمات هدفه الحصول على مكان له قيمة إستراتيجية ليعزز وضعه السياسي والعسكري، حيث إنها لم تستطع أن تسيطر على كل المقار الكبرى للجيش في الخرطوم وكذلك حتى في الولايات القريبة من محاضنه.
وينبه إلى أن هناك مخاوف من حرب أهلية منذ انطلاق الرصاصة الأولى، وكان الخوف الأكبر بأن تتحول هذه الحرب خلال الأيام وخلال الشهور إلى حرب أهلية شاملة، ولكن من الواضح أن هناك حالة التفاف وطني كبير جدًا حول الجيش من مختلف الأعراق ومختلف القبائل.