آخر الأخبار

“أم المساكين” مريم الميرغنية تجمع “قلوب” الآلاف من المحبين بسنكات

إحياء الذكرى السنوية لحولية الشريفة مريم الميرغنية

سنكات – الخرطوم : بشير النور

تجمع الآلاف من السودانيين اليوم الخميس 3 فبراير/ شباط، بسنكات شرقي السودان، إحياءٌ للذكرى السنوية للشريفة مريم الميرغني (أم المساكين والأرامل )

الصوفية والقبائل

ودرجت الطريقة الختمية بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني في أول خميس من شهر رجب من كل عام، إحياء الذكرى السنوية لحولية الشريفة مريم الميرغنية.

ومثل السيد الحسن الميرغني والسيد إبراهيم السيد محمد سر الختم الميرغني، اليوم قيادات الطريقة في الاحتفال، بجانب مشاركة العديد من القبائل والطرق الصوفية من مختلف الولايات.

ولدت الشريفة مريم عام 1287 هجرية الموافق 1886م، وتوفيت عام 1371 هجرية الموافق 1952، وقرأت القرآن وعلوم الدين الإسلامي في زاوية جدها السيد محمد عثمان الميرغني الختم، التي أنشأها خصيصاً لتعليم النساء أمور الدين الإسلامي.

ولعبت الشريفة دوراً اجتماعياً مهماً في تاريخ شرق السودان، وكانت علماً مميزاً من أعلام السادة المراغنة.

الزي الأحمر

وقال محمد مصطفى، من شباب الختمية، في سواكن لـ (موقع سلا  نيوز) إن جميع  قبائل شرق السودان شاركت اليوم في احتفال ذكرى الشريفة مريم، وهم “يركبون الجمال” ويحملون السيوف واللافتات التي  تعبرعن مدى حبهم وشغفهم للشريفة مريم.

وأشار مصطفي إلى أن أعداد النساء أكثر من الرجال وهن يتزين باللبس الأحمر والأزرق كلوحة لحديقة تجمع ” ألوان الذهور”.

أكبر تجمع

وقال ممثل هيئة الختمية الشريف عبد القادر جعفر إدريس لـموقع (سلا نيوز) إن الاحتفال بالذكرى السنوية للسيد محمد هاشم الميرغني وابنته الشريفة مريم، يّعدُّ أكبر تجمع في شرق السودان وليس له مثيل من حيث أعداد المشاركين، ولا يشبه البرامج السياسية التي تقوم بها الحكومة.

وكشف إدريس عن وصول أعداد كبيرة تقدر بالآلاف من مريدي الطريقة الختمية  والطرق الصوفية والقبائل السودانية، حيث بدأت  نقطة انطلاقهم من جبيت إلى سنكات مقر الاحتفال.

وأضاف لـموقع (سلا نيوز) أن المشاركين قدموا من كل مدن شرق السودان منها كسلا وهيا وبورتسودان، بجانب مدن سودانية أخري كعطبرة والأبيض وكوستي وغيرها من المدن حيث امتلأت بهم الساحات العامة بسنكات والمدارس والمنازل والمساجد والزوايا.

وعدد إدريس برنامج الاحتفال الذي بدأ صباح الخميس بالترحيب بالحاضرين وتقديم المدائح النبوية بينما تطرق الاحتفال في الفترة المسائية لمناقب وسيرة وصفات الشريفة مريم والدعوات والترحم على روحها.

ظاهرة اجتماعية

من ناحيته قال إبراهيم أبو فاطمة أحد قيادات الطريقة الختمية لـموقع (سلا نيوز) الاحتفال يمثل ظاهرة دينية واجتماعية. وأكد أن حضور قيادات المراغنة  في الاحتفال السنوي، يسهم في حل الكثير من المشاكل المرتبطة بحالات الطلاق والإصلاح بين المتخاصمين وسواء أكانت الخلافات في الرعي أو الأرض والاقتتال، إضافة لإقامة العديد من الزيجات.

وأضاف أبو فاطمة أن الاحتفالية تجسد أسمى معاني المحبة بين الناس والتودد لأنها تجمع بين الأحباء الذين يتقابلون كل سنة أثناء الاحتفالية.

وتقول كتب التاريخ إنها مريم بنت السيد محمد هاشم الميرغنى ابن محمد عثمان الختم مؤسس الطريقة الختمية، إحدى أكبر الطرق الصوفية في البلاد.

إرشاد المريدين
واقترنت الشريفة مريم بابن عمها السيد محمد عثمان تاج السر الميرغني الذي ولد سنة 1849، وتوفي سنة 1903، ودفن بجوار مسجده الذي بناه في مدينة سواكن، ومنذ وفاة زوجها قامت الشريفة مريم بأعباء الدعوة إلى الله وإرشاد المريدين في مناطق البحر الأحمر شرق البلاد، وكانت مهمومة بتعليم النساء.
ﺃﻣﺎ ﻛﺮﺍﻣﺎت الشريفة مريم ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ عنها، ﻓﻬﻲ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﺑﻴﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺳﺎﻟﻜﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ، ﻓﻤﺎ ﻳﻤﺮ ﻣﻦ ﻳﻮﻡ ﺇﻻ ﻭﻳﻜﺮﻣﻬﺎ “ﺍﻟﻠﻪ” ﺑﻤﺎ ﺗﻘﺮ ﺑﻪ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒﻴﻦ، ﻓﻠﻬﺎ ﻛﺮﺍﻣﺎﺕ عديدة، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺭﺣﻤﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺠﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ، ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﺟﻠﻴﻠﺔ، ﻛﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺼﺪﺭ، ﺣﻠﻴﻤﺔ، ﻓﺎﺿﻠﺔ، وﻣﻬﺬﺑﺔ، ﻣﺎ ﺟﺎﺀﻫﺎ ﺫﻭ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻻ ﻭﻗﻀﺘﻬﺎ ﻟﻪ فهي ﺗﻌﻴﻦ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮ ﻭﺗﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺝ.
أول فتاة
وأولت التعليم اهتماماً كبيراً خاصةً الدينى منه، فأقامت المساجد والخلاوى فى كل من هيا وسنكات وجبيت وكمسانة وسلوم، وساهمت فى دعم المدرسة الثانوية المصرية، وكانت تشرف عليها وتدفع رواتب بعض العاملين بها، وساهمت أيضاً فى قيام التعليم الاهلي ببورتسودان وحثت البنات على التعليم، وأوفدت أول فتاة من المنطقة وهي المغفور لها بإذن الله زينب عبد الله عمر لتكون أول زائرة صحية وقابلة تمارس المهنة بأسس علمية بدلاً من التقليدية.
لم تكن الشريفة مريم تأكل أو تشرب أو تسكن أو تلبس إلا بما تشتريه من مالها الخاص، وهو نصيبها الذي ورثته من ممتلكات المراغنة في الحجاز، ولم تكن تشرب لبناً أو تأكل لحماً إلا من غنمها التي كانت تحبسها وتجعل عليها حراسة حتى لا تتعدى على ممتلكات الغير.


ما وراء الحدود
وتجاوزت شهرة مريم السودان وشرقه لتصل إلى ما وراء الحدود، لما عرفت به من أعمال بر وخير وخدمة للمحتاجين، فقد استقبلها الملك فاروق عند ما ذهبت مستشفية إلى مصر.
وبعد فترة وجيزة من رجوعها للسودان، عاودتها العلة مرة أخرى واستدعى الأمر نقلها إلى بورتسودان، والاتصال بالجهات التي تولت علاجها في مصر، فبادرت الحكومة المصرية بإرسال طاقم طبي معالج على متن طائرة حربية بذل كل ما لديه لإنقاذها دون جدوى، فكانت الأمور حينها تمضي إلى الأجل المحتوم.

وفاتها

وانتقلت الشريفة مريم إلى الرفيق الأعلى ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺭﺑﻌﺎﺀ ﺃﻭﻝ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﺟﺐ ﻋﺎﻡ 1371 ﻡ، وكانت وفاتها فى مدينة بورتسودان بعد معاناة مع المرض إلا أن مريديها وأهلها نقلوا جثمانها إلى سنكات ليتم دفنها هناك على حسب وصيتها، ومنذ ذلك التاريخ ظلت حولية الشريفة مريم الميرغنية حدثاً لايمكن لمدينة سنكات أن تتجاوزه
ودفن جثمان الشريفة مريم ﺑﺴﻨﻜﺎﺕ ﻟﺘﺪﻓﻦ ﺑﻘﺮﺏ ﻣﺴﺠﺪﻫﺎ ﻭﻣﺤﻞ ﺗﻼﻭﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، وشيعها وصلى عليها الآلاف من السودانيين.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.