آخر الأخبار

صحفي يكشف تفاصيل اقتحامه وكر عصابة “باكوبي” بغرب أم درمان “1-3”

بعد مداهمتها بواسطة قوة أمنية مشتركة

الخرطوم – عمار حسن

أقرب إلى الخيال؛ ما سأرويه لكم من خلال هذه الحلقات، نهب وضرب بالأسلحة البيضاء وتهديد بالأسلحة النارية في وضح النهار من قبل عصابة متفلتة في منطقة الثورة غربي أم درمان، العصابة تعمل بشكل منظم لدرجة أن لديها مكتب بلاغات ودفتر أحوال وحوش معروضات. تُرغم الأشخاص المنهوبين على دفع فدية مالية مقابل استرداد أشيائهم، يحدث كل هذا تحت مرأى ومسمع السلطات دون أن تحرك ساكناً لحسم هذه التفلتات التي أضحت ظاهرة تؤرق سكان العاصمة.

كمين محكم!!

في نهار الحادي عشر من أبريل/ نيسان المنصرم، وأنا في طريقي إلى مقر عملي أستقل دراجتي النارية (موتر) على بعد أمتار من الحي الذي أقطن فيه بمنطقة الثورة غربي أم درمان، وجدت نفسي في كمين محكم نصبته لي مجموعة من المتفلتين في الطريق الرئيس الفاصل بين محليتي كرري وأمبدة بمحاذاة الثورة الحارة الـ26 التي تدار من داخلها أنشطة أخطر العصابات الإجرامية.

مررت بالمطبات وقمت بتهدئة السرعة فجأة ظهر أمامي نحو عشرة أشخاص يحملون أسلحة بيضاء من عصي وسواطير، بسرعة أدرت مقود الدراجة إلى الخلف لأجد خمسة آخرين بنفس الأسلحة أحاطوني إحاطة السوار بالمعصم، وقبل أن أستوعب ما يحدث سدد لي أحدهم ضربة قوية بالعصا على كتفي الأيسر سقطت على إثرها من الموتر، ثم إنهال عليَّ البقية بالركل والضربات بالعصي في رجلي ومناطق متفرقة من جسدي النحيل، بعد أن أبديت مقاومة، وفي الأثناء سمعت صوت يقول “أدي طلقة أدي طلقة” رددها مرتين، وأنا ملقى على الأرض ممسك بأحدهم بقوة من عنقه.

تهديد تحت السلاح!!

بعد سماع هذه الجملة أخرج أربعة منهم مسدسات جهزوها في وضع الإطلاق ما كان أمامي خيار سوى الاستسلام أو المقاومة التي قد تنهي حياتي، فضلت الخيار الأول للخروج بأقل الخسائر، الغريب في الأمر أن المارة والسكان القريبين من موقع الحادثة لم يبدوا أي رد فعل بل ظلوا يتفرجون، حتى قاد اثنان من المتفلتين دراجتي النارية، ولحق بهم اثنان منهم، واقتلع نحو ثمانية منهم حقيبتي وأخذوا منها مبلغاً مالياً قدره 75 ألف جنيه سوداني، وبعد أن عبثوا بها ولم يجدوا غير بعض الأوراق وجواز سفر وبطاقتي الصحفية رموها في أقرب مكب للنفايات واختفوا. بعد ذلك تجمهر الناس القريبون بعد أن اكتفوا بـ (الفُرجة) على عملية النهب لينصحوني بالذهاب إلى مقر العصابة بالثورة الحارة الـ26 وملاقاة شخص يسمى (باكوبي) وبدوره سيرد إليّ ما نُهب مني مقابل دفع فدية عبارة عن مبلغ من المال.

في قسم الشرطة!!

لكن فضّلت اللجوء إلى قسم الشرطة واتخاذ الإجراء بالطرق القانونية، وكلي أمل وثقة في مقدرة الشرطة القبض على المجموعة المتفلتة، واسترداد ما نهب مني بالقوة وفي وضح النهار، توجهت على الفور إلى قسم شرطة غرب الحارات دائرة الاختصاص في منطقة الحادثة، وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية وفتح بلاغ بالرقم 1659 المادة 174، سرقة، علما بأنني تعرضت لعملية نهب تتعلق بالمادة 175، لا أدري لماذا تُبدل الشرطة بلاغات النهب بمواد السرقة، وهي أقل عقوبة.

إلا بقوة مشتركة!!

شكا لي أحد الضباط بقسم الشرطة أن منطقة الثورة الـ26 باتت بؤرة تنطلق منها العصابات المختلفة لترتكب الجرائم والسرقات والنهب بحق المواطنين، وأخطرني بأنهم حسب القوة المتاحة لا يمكنهم مداهمة ما وصفه بـ (وكر العصابة)، إلا بقوة مشتركة من الشرطة والجيش والدعم السريع وجهاز المخابرات العامة. وطالبني بتعميم نسخة من البلاغ على أقسام الشرطة المختلفة علّها تعثر على الدراجة النارية في حملات الشرطة التي تنظمها بين الفينة والأخرى في شوارع العاصمة الرئيسة بعيداً من بؤر وأوكار الجريمة.

فيما نصحني أحد أفراد المباحث بالإسراع في الذهاب إلى مقر العصابة والدخول معهم في تفاوض لاسترداد المنهوبات بطريقة ودية، ورأى أنها أقصر الطرق قبل التصرف فيها.

خيبة أمل من تقاعس الشرطة!!

تحولت ثقتي في جهاز الشرطة إلى خيبة أمل كبيرة، خرجت من قسم شرطة غرب الحارات برأس حاسر وبقية شيء من جسدي المنهك بفعل الركل والضرب الذي خلف جروح غائرة في ساقاي وكتفي الأيسر وكدمات بالغة الألم لم تندمل حتى الآن.

لم أجد أمامي خيار سوى الذهاب إلى الثورة الحارة الـ 26 والبحث عن (باكوبي) للتفاوض معه، وهذه الخطوة تحتاج إلى دليل أو وسيط مدرك لأسرار وخبايا تلك المنطقة ولديه علاقات مع أفراد نافذين هناك للوصول إلى الشخص أو المجموعة التي بحوزتها المنهوبات.

مقر المفاوضات!!

لجأت إلى أحد سكان الحي له علاقات واسعة هناك بمن فيهم (باكوبي) نفسه، توجهنا إليهم في تمام الساعة الثالثة والنصف عصر يوم الحادثة استغرقنا بضع دقائق تقدر المسافة بنحو كيلو متر واحد أو أقل من قسم شرطة غرب الحارات، وفي الطريق حذرني من الإدلاء بأي أقوال ما لم يطلب مني هو بنفسه، دلفنا إلى سوق الـ 26 آخر محطة، هنا مقر المفاوضات الرئيس.. المكان عبارة عن رواكيب مصنوعة من الخشب وجوالات الخيش وبعض البنايات شُيدت بالطوب الأخضر اللبن أغلبها محلات بائعات شاي وأندية مشاهدة ومطعم ومحلات ملابس وأحذية أصلية لا تجدها إلا في السوق الأفرنجي بوسط الخرطوم.

وهناك كانت المفاجآت التي لم تخطر على بال أحد منا..

يتبع

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.