آخر الأخبار

صحفي يكشف تفاصيل اقتحامه وكر عصابة “باكوبي” بغرب أم درمان “2-3”

بعد مداهمتها بواسطة قوة أمنية مشتركة

 

يرويها لـ “سلا نيوز” عمار حسن 

أقرب إلى الخيال؛ ما سأرويه لكم من خلال هذه الحلقات، نهب وضرب بالأسلحة البيضاء وتهديد بالأسلحة النارية في وضح النهار من قبل عصابة متفلتة في منطقة الثورة غربي أم درمان، العصابة تعمل بشكل منظم لدرجة أن لديها مكتب بلاغات ودفتر أحوال وحوش معروضات. تُرغم الأشخاص المنهوبين على دفع فدية مالية مقابل استرداد أشيائهم، يحدث كل هذا تحت مرأى ومسمع السلطات دون أن تحرك ساكناً لحسم هذه التفلتات التي أضحت ظاهرة تؤرق سكان العاصمة.

مخدرات وسلاح على قارعة الطريق!!

في الاتجاه الشمالي للسوق يفترش البعض جميع أنواع المخدرات من البنقو والحشيش والحبوب المهلوسة بأنواعها، إلى جنبها تتراص الذخيرة والطبنجات بتشكيلاتها المختلفة على الملأ، كل الممنوعات هنا متاحة ولا تستطيع السلطات أن تفعل شيئاً، ولا يمكنها الوصول إلى هذه النقطة إلا عبر قوات مشتركة، كما حدثني أحد الضباط بقسم شرطة غرب الحارات.

عالم غريب!!

في مدخل السوق الصغير التقينا بعض الأشخاص يعرفهم الوسيط أحدهم يسمونه (أوباما) استقبلنا يحمل سلاح (كلاش) من الواضح أنه كبيرهم، هيئاتهم غريبة يرتدون أزياء مختلفة تماماً وسلاسل وخواتم كبيرة للغاية، يتميزون بتصفيف شعر لم أره من قبل، يحلقون جنبات الرأس بدرجة أقرب للصلعة ويتركون الأعلى كثيفاً في هيئة بوب يتدلى بشكل دائري، لغتهم مشفرة مزيج بين العامية السودانية والراندوك يفهمونها وحدهما، لا أحد يستخدم اسمه الحقيقي أو يمنحك رقم هاتفه الجوال، إذا أردت أن تساوم عليك الحضور إلى آخر محطة، كل مجموعة تخصصت في جانب محدد يتمثل في نهب الدراجات النارية والركشات والسيارات أحياناً أو خطف الهواتف في الطرقات في ما تعرف بـ (تسعة طويلة)، أو السرقة من داخل البيوت وغيرها من العمليات الإجرامية.

باغتني أحدهم بسؤال فتحت بلاغ؟ استدرك الوسيط الأمر قائلا: لا لم نفتح بلاغاً، كدت أن أقول له ما الإجراءات التي اتخذتها في قسم شرطة غرب الحارات، لكن تذكرت تحذيره لي بعدم الإدلاء بأي معلومات ما لم يطلب مني، ثم طلب الوسيط من الشخص الذي يعرفه الذهاب لفتح بلاغ.

دفتر بلاغات !!

هنا ذهلت وطار عقلي حينما اكتشفت أن (باكوبي) أسس مكتباً في آخر محطة لإدارة أنشطته، المكتب عبارة عن كشك كبير شيد من الحديد به نافذة صغيرة لإجراء المعاملات، فرش فيه أحدث الأثاثات وبه مكيف، سألني ذلك الشخص عن ورق الموتر معاك؟ أجاب الوسيط بنعم وطلب مني شهادة البحث سلمتها له وبدوره سلمها للشخص، نظر إليها نظرة ثاقبة وقلبها يمنة ويسرى ونظر في وجهي بإمعان رأيت الشر في عينيه، توجه نحو الدكان وسلم شهادة البحث لشخص بالداخل عبر النافذة علمت مؤخراً أنه موظف يتبع لـ (باكوبي) استلم الموظف شهادة البحث وقلب الدفتر ثم وجه لنا سؤال “الزول دا اشتغلو متين؟” أجبناه بمكان وزمان الحادثة ذهب إلى آخر صفحة في الدفتر ونظر إليها مسافة مع تحريك نظره بين صفحات الدفتر وشهادة البحث، وقال لنا موتركم موجود جيبو 300 ألف جنيه، تعالو شيلو.

100  ألف لا تكفينا !!

من هنا بدأت رحلة المفاوضات بيني والعصابة استغرت ستة أيام، يطلقون عليها هناك “الدرون” بمعنى أنهم تقدموا بنقطة على الشخص المنهوب وعليه أن يدفع ما يطلبونه منه ليتعادل معهم.

زرت مقر العصابة خلال هذه الفترة خمس مرات، في زيارتي الأولى وبعد فتح البلاغ في مكتب (باكوبي) أكدوا لي أن الموتر بحوزتهم وطالبوني بدفع 300 ألف جنيه، هنا تدخل الوسيط معترضاً واقترح عليهم دفع 100 ألف جنيه، في بداية الأمر وافقوا بعد جدال ورجاءات، غادرنا المكان وأبلغناهم بأننا سنعود بعد الإفطار ومعنا المبلغ الذي اتفقنا عليه، لكننا فوجئنا أنهم غيروا رأيهم، بحجة أن عدد العصابة التي نهبتني عددها كبير والمبلغ الذي اتفقنا عليه لا يكفيهم!!

المزيد من الوسطاء!!

لم يكن أمامي خيار سوى حشد المزيد من الوسطاء ليقنعوا العصابة بالمائة ألف جنيه، بالفعل استعنت بنحو سبعة وسطاء مختلفين، زرنا وكر العصابة خمس مرات طوال أسبوع وأحيانا يذهبون لوحدهم، انتهت المفاوضات بدفع 200 ألف جنيه، قال المتفاوضون من طرف العصابة إنهم لن يتنازلوا عن مليم واحد، وبهذا رأوا أنهم جاملونا.

في إحدى زياراتي أجلسوني رفقة أصدقائي بالقرب من بائعة شاي في سوق آخر محطة وأكرمونا بقهوة، وأثناء ذهاب فرد العصابة لتفتيش الموتر في حوش المعروضات سمعنا أصوات رصاص بالقرب منا لجهة أننا أصبنا بالهلع، بينما أطلق الوسيط ضحكة ساخرة، سألناه عن سبب إطلاق النار أخبرنا أن أحدهم اشترى سلاح وجربه.

ما عرفته أنهم يقيّمون المنهوبات حسب سعرها في السوق وحالتها خاصة المواتر والركشات وبناء على ذلك يحددون مبلغ المساومة، وكلما كان الموديل أعلى وبحالة جيدة؛ تكون المساومة بدفع مبلغ أعلى والعكس.

يتبع…

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.