صحفي يكشف تفاصيل اقتحامه وكر عصابة “باكوبي” بغرب أم درمان (3-3)
بعد مداهمتها بواسطة قوة أمنية مشتركة
الخرطوم – عمار حسن
أقرب إلى الخيال؛ ما سأرويه لكم من خلال هذه الحلقات، نهب وضرب بالأسلحة البيضاء وتهديد بالأسلحة النارية في وضح النهار من قبل عصابة متفلتة في منطقة الثورة غربي أم درمان، العصابة تعمل بشكل منظم لدرجة أن لديها مكتب بلاغات ودفتر أحوال وحوش معروضات. تُرغم الأشخاص المنهوبين على دفع فدية مالية مقابل استرداد أشيائهم، يحدث كل هذا تحت مرأى ومسمع السلطات دون أن تحرك ساكناً لحسم هذه التفلتات التي أضحت ظاهرة تؤرق سكان العاصمة.
حوش المعروضات!!
في قلب السكن العشوائي بالحارة الـ 26 هيأ أفراد العصابة حوشاً كبيراً أطلقوا عليه حوش المعروضات، يضم مئات المنهوبات أغلبها مواتر نارية وركشات والقليل من السيارات، أودعت حوش المعروضات بعد نهبها وتقييدها في دفتر البلاغات في مكتب (باكوبي)، لا أحد يسمح له بالوصول إلى هذا المكان سوى أفراد العصابة.
خطف بالمواتر المسروقة!!
أما المواتر التي تبدو في حالة جيدة، فتنزع منها اللوحات، وتستغل في أعمال الخطف التي تعرف شعبياً بـ 9 طويلة إذا تأخر صاحبها عن عملية المساومة (الدرون)، وهذا ما حدث مع موتري بالفعل. في إحدى زيارات التفاوض كان أحد الوسطاء يحاول إقناع أحد أفراد العصابة بأن مبلغ 300 ألف جنيه كبير وليس بمقدورنا أن نتدبره، قال له “خلينا ليكم 100 ألف جيبو 200″، لكن الوسيط اعترض أيضاً وطالب بالتنازل إلى 100 ألف، هنا انتفض فرد العصابة ورد بنبرة غاضبة “شكلكم ما عايزين موتركم”. وأضاف “أكون معاكم واضح الموتر من أمس شغال والليلة جاب 6 تلفونات وشنطتين”.. ذهلت لدرجة بعيدة، كيف لهم أن يستخدموا الموتر في عمليات الخطف والنهب؟ وعلمت لاحقاً أن جل المواتر التي لا يظهر أصحابها أو يتأخرون في “الدرون” تستخدم في عمليات الخطف، وعندما يتعرضون لمضايقات من الناس أثناء الخطف يتركون الموتر ويلوذون بالفرار، ويوم الناس بحرق الموتر في لحظات الغضب، ولا يدرون بأن أصحاب الموتر المحروقة نفسهم ضحية لعصابات الـ 9 طويلة، الموتر الخاص بي عمل لثلاثة أيام لا أدري خطفوا به كم هاتف، وكم حقيبة، لكني على يقين أن ما جادت به طرقات العاصمة في الثلاثة أيام قد يساوي سعر الموتر.
أطفال يحركهم “باكوبي”!!
غالبية الذين يقطعون الطرقات ويقومون بأعمال النهب أو الخطف التي تعرف شعبياً بـ (9 طويلة) صغار في السن لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاماً يخرجون في شكل جماعات، وهذا ما حدث معي، وبعد أن ينجحوا في اصطياد فريستهم يسلمون ما نهبوه للشخص المسؤول منهم في وكر العصابة. ويُعدُّ (باكوبي) كبيرهم أو قل زعيمهم إن شئت، فهو الآمر الناهي، وإذا أصدر تعليمات لا أحد يخالفها، لكن هناك آخرين يمولون هذا العمل المنظم، ففي بعض الأحيان يشترون المنهوبات بثمن بخس، خاصة إذا كان موتر يستغلونه في عمليات الخطف مستغلين الأطفال أنفسهم وإذا ظهر صاحب الموتر ساوموه بمبلغ خرافي.
جيش الموت!!
باكوبي ليس وحده، هناك العديد من الشخصيات الخطيرة تحرك هؤلاء الأطفال للقيام بأعمال النهب، بينهم شخص يسمونه (أكوجي)، وهو شقيق باكوبي الأصغر الذي تعمل تحت إمرته مجموعة أطلق عليها جيش الموت، وهذه المجموعة تخصصت في أعمال النهب لا سيما نهب الدراجات النارية والركشات، وغالبا تتعامل بعنف مفرط مع ضحيتها، لذلك سميت بجيش الموت، وأثناء زياراتي لوكر العصابة علمت أنني وقعت ضحية لما يسمى بجيش الموت، قال لي أحدهم وجدناه هناك بعدما حكى له الوسيط قصتي قال لي “أحمد ربك السانات ديل ما ناشوك كان زي الوقت دا قطعت حبل”، ويقصد كان ببساطة يمكنهم إطلاق النار عليّ وقتلي.
تدريبات وتمارين!!
كل من يريد الالتحاق بالعصابة يقدم طلب شفهي لأحد الأفراد المسؤولين من العصابات المتفلتة سواء أكان “باكوبي” أو غيره في بادئ الأمر يصدونه، لكنهم يرسلون مخبرين إلى الحي الذي يقطن فيه، وغالباً يكون المتقدمين للعمل من الأطفال ومن الأحياء القريبة لـ (الجغب) يجمعون عنه المعلوماتي الكافية، وبعدها يبدأون معه تدريبات وتمارين في جبال المرخيات غرب (الجغب)، ومن خلال هذه التدريبات تتبين لهم مقدرة ومهارة المتقدم للعمل ثم يوظفونه في المكان الملائم سواء كان سائق موتر التي تحتاج إلى مهارة عالية في القيادة أو راكب خلف السائق، وهذا مهمته الخطف التي تحتاج إلى سرعة بديهة أو أعمال النهب والسلب، وهي تحتاج إلى قوة بدنية وسرعة، وعقب اكتمال التدريبات يتم تسليحهم بطبنجات 9 ملي وسواطير أو سكاكين لينطلقوا إلى العمل ويأتون بالغنائم إلى الشخص المسؤول عنهم، ويمنحهم مقابل ذلك مبلغاً زهيداً من المال يمكنهم من الحصول على المخدرات وأغلبهم يتعاطى الحبوب المهلوسة كالترامادول والكريستال آيس.
رقيب شرطة ضحية للعصابة!!
جلست إلى العديد من الضحايا الذين تعرضوا لنهب دراجاتهم النارية من قبل المجموعة التي يُطلق عليها “جيش الموت” جميعهم نهبوا تحت تهديد السلاح الناري، بينهم حامد إبراهيم وهو رقيب في الشرطة وتعلمجي في معسكر إبراهيم شمس الدين، تعرض لعملية نهب من تسعة أشخاص يستغلون ثلاث دراجات نارية، جمعيهم مسلحون أثناء عودته من المعسكر اعترضوا طريقه في وضح النهار نحو الساعة الحادية عشرة ظهراً.
قال حامد لـ (سلا نيوز) “أثناء عودتي في الطريق الرئيسي الفاصل بين الحارة الـ 20 أمبدة والـ 28 الثورة غرب محطة رأس الشيطان بقليل فجأة اعترضتني دراجة نارية بها ثلاثة أشخاص، ثم جاءت أخرى تحمل نفس العدد ركل أحدهم إطار الموتر الخلفي، فسقطت على الأرض، ثم جاءت دراجة ثالثة جميعهم أخرجوا مسدسات وأنا ملقى على الأرض ليس أمامي خيار سوى الاستسلام، أخذوا هاتفي ماركة m30s وامتطوا دراجتي النارية ولاذوا بالفرار”.
وكشف حامد أنه ذهب إلى قسم شرطة أمبدة الحارة الـ 20 الذي رفض فتح بلاغ بحجة أن مكان وقوع الحادث ليس من دائرة اختصاصه، ووجهوه إلى قسم شرطة غرب الحارات الذي ماطل في فتح البلاغ، ولم يحرك ساكناً حيال الحادثة، بحسب تعبيره، مما اضطره للدخول في مساومة في العصابة ودفع مبلغ 100 ألف جنيه استرد إثرها دراجته النارية ولم يسلموه هاتفه حتى الآن.