الخرطوم – عمار حسن
وعدته والدته باستقباله بزغرودة في حال استشهد خلال الاحتجاجات التي كانت على علم مسبق بمشاركته فيها، وهو ما حدث بالفعل، حيث أطلقت والدة أحمد عبد الله أحمد الشهير بـ (حلاوة) 3 زغاريد عندما وصل جثمان ابنها إلى منزلهم في حي النزهة جنوب الخرطوم مساء أمس (الجمعة).
طلق ناري في الصدر
ويبلغ أحمد (حلاوة) من العمر 22 عاما، ينحدر من ولاية جنوب كردفان محلية أبو جبيهة، ويسكن حي (النزهة) بالخرطوم، تخرج في جامعة ابن سينا كلية الطب قبل شهرين، وأُصيب بطلق ناري في الصدر بالصحافة محطة 7 في مواكب إحياء الذكرى الثالثة لمجزرة فض اعتصام القيادة العامة، ونقل فورا إلى مستشفى التميز لإسعافه، لكنه فارق الحياة هناك.
شيعت جموع غفيرة من أصدقاء ورفاق وأهل الفقيد (حلاوة)، إلى مثواه الأخير، حيث ووري الثرى بمقابر الصحافة بعد تشريح جثمانه بمشرحة مستششفى أم درمان في وقت متأخر من مساء أمس (الجمعة) في ظروف بالغة الصعوبة بسبب إغلاق السلطات لجميع الجسور الرابطة بين مدن العاصمة الثلاث عدا جسري الحلفايا وسوبا.
صنديد ومقاوم
وعرف “حلاوة بإخلاصه وتفانيه لثورة ديسمبر فتجده يتقدم الصفوف الأمامية في جميع المواكب التي تدعوا لها لجان المقاومة، ويصفه رفاقه بأنه ترس صنديد ومصادم، مؤمن بقضايا الثورة وكان يوزع على رفاقه في المواكب الذين يسكنون في أطراف العاصمة مبالغ من المال ليتمكنوا من العودة إلى بيوتهم”.
وكتب القتيل الذي ينتمي لمجموعة (غاضبون بلا حدود) على فانلة تخرجه السوداء “أخوان الريح وود عكر” وهما من الضحايا الذين قتلوا أثناء الإحتجاجات الشعبية.
ويقول جابر مدني وهو صديق (حلاوة) لـ (سلانيوز) منذ اندلاع الاحتجاجات في ديسمبر من العام 2018م لم يتخلف حلاوة عن مواكب الساعة الواحدة بتوقيت الثورة.
شخصية مرحة
ولفت إلى أنه تعرف على (حلاوة) في اعتصام التميز من خلال مشاركته في فعاليات الاعتصام، وأضاف: في بادئ الأمر لم أفهمه بل شككت فيه لأنه كان يسألني أسئلة غريبة ولاحقاً عرفت أنه شخصية مرحة يحب الضحك.
وأوضح مدني أنه “حلاوة من أكثر الأصدقاء المقربين إليه في جسم (غاضبون بلا حدود)، وهو الوحيد الذي يلجأ إليه ولم يحدث أن رده خائب مهما كانت الحاجة.
وكشف أن والدته على علم بمشاركته في المواكب وتعرض أكثر من مرة للاعتقال والإصابة، وذات مرة قالت له “إذا مت ساستقبلك بزغرودة”، وهو ما حدث بالفعل وكانت قريبة منه وتحبه لدرجة بعيدة جدا ولا ترضى فيه، ودائماً تنصحه برفق وتدعمه.
وقال إنه كان يخطط الذهاب إلى ألمانيا لمدة 6 أشهر لإكمال دراستة وبعد عودته يبدأ مراسم زواجه من إحدى زميلاته.
وأشار جابر إلى أن آخر إتصال بينه ورفيقه (حلاوة) أمس الأول، سأله عدة أسئلة تدل ألمح من خلالها عن موته، وأضاف: “قال لي الدنيا فانية أم لا”؟ قلت له فانية قال لي “أنا قافل تلفوني ومغبون شديد ولا أريد أن أتحدث مع أي شخص وأن ما يحدث عبارة مهزلة مهزلة”.
الوداع المر
وأضاف: “سألني عن حالي واطمأن على حالي وقال لي بعد أن ترحم على قتلى الإحتجاجات إنه سيقاتل ينتصر الحق وتتحق العدالة أو يموت”.
وتابع: “آخر كلمة سمعتها منه قال لي يا جابر أعفي لي ومنها انقطعت المكالمة، ولم يكن في هاتفي رصيد لأرجع له، وفي اليوم التالي وجدت خبر وفاته من مواقع التواصل الاجتماعي لم أستطع أن أتمالك نفسي وحتى اللحظة لم أستوعب أنه مات”.
وأكد مدني أن (حلاوة) كان طيب المعشر دمث الأخلاق ومواظب على صلاته وكان ينصحه دائما بالمواظبة على الصلاة، وكان يصل أصدقاءه ويقوم بالواجب عند الملمات.
إعتقال إصابة شهادة.
وزاد بالقول: “غالبا عند نهاية أي موكب يضع شيئا داخل حقيبتي عندما أصل البيت أجدها مبلغ من المال يقول لي أنت ساكن بعيد خليها معاك، وكان يفعل نفس الشيء مع الكثيرين من الأصدقاء وهو من ألف شعار (غاضبون بلا حدود) الذي ننتمي إليه “اعتقال إصابة شهادة”.
وفي يونيو/حزيران 2019، فض مسلحون يرتدون زيا عسكريا اعتصاما مطالبا بتسليم السلطة للمدنيين أمام مقر القيادة العامة للجيش بالعاصمة الخرطوم.
وأسفرت عملية الفض عن مقتل 66 شخصا، بحسب وزارة الصحة، فيما قدرت “قوى إعلان الحرية والتغيير” (قائدة الحراك الشعبي آنذاك) العدد بـ 128.