آخر الأخبار

الحركات المسلحة وتصفية قضايا الريف على طريقة الحركات الجهادية

كتب: ناصف بشير الأمين

مواطنو الريف والهامش السوداني لهم قضايا ومطالب عادلة على رأسها قضية المواطنة المتساوية بلا تمييز، وقضية إزالة الظلم التنموي وتحقيق السلام وعودة النازحين واللاجئيين وإعادة الاعمار، وقضايا ومطالب عامة يشتركون فيها مع سائر السودانيين على رأسها تحقيق التحول الديمقراطي وتحقيق العدالة والمحاسبة وتفكيك تركة التمكين وإعادة بناء أجهزة الدولة المدنية والعسكرية على أسس مهنية مستقلة …إلخ. وقد دفع مواطنو الريف ثمنا باهظا بسبب حروب النظام السابق ضدهم.

لكن مواقف أغلب قادة حركات الكفاح المسلح الداعمة لانقلاب 25 أكتوبر 2021 اصبحت تشكل تهديدا مباشرا لقضايا أهل الريف والهامش العادلة، وذلك لأنها تتعارض معها في الصميم. فهذه الحركات وبسبب فقرها الديمقراطي والسياسي لا ترى أن هناك ارتباط بين قضيتي تحقيق السلام ومخاطبة جذور ومسببات الحرب وبين مطلب التحول الديمقراطي، ولذلك تعتقد أن مشاكل الريف والهامش تحل عن طريق منهج قسمة السلطة وتولي قادة هذه الحركات مناصب دستورية في السلطة المركزية حتى ولو عن طريق التحالف مع انقلاب عسكري ضد الثورة والمكون المدني تسنده عناصر النظام القديم ودولة التمكين. ولا تخلو مثل هذه المواقف بطبيعتها من لا مبدئية وتقديم للمصالح الذاتية. وهكذا وجدت هذه القيادات نفسها في تحالف مع أعداء الريف والهامش التاريخيين ضد القوى الديمقراطية وضد الشارع في المدن والريف الذي يدعون تمثيله. لهذه الأسباب فإن هذه الحركات تعمل في الواقع على تصفية وضرب قضايا الريف العادلة من الداخل، كما فعلت الحركات الجهادية، على سبيل المثال والمقارنة، بقضايا عادلة كثيرة مثل القضية الفلسطينية.

ماذا فعلت حماس والجهاد الإسلامي وسائر الحركات الجهادية؟ جاءت هذه الحركات الجهادية وعملت على تحويل القضية الفسطينية من قضية تحرير وطني: قضية شعب يواجه الاحتلال الأجنبي ويطالب بتحقيق هدف واضح ومحدد وهو إنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة، وهو مطلب يسنده القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتدعمه أغلب شعوب العالم وتتعاطف معه، إلى قضية جهاد مقدس وحرب دينية سرمدية بين المسلمين واليهود. اعتقدت هذه الحركات بأنها تستطيع أن تنتصر على إسرائيل في حرب الأساطير والهوس الديني! واعطت الخطابات والتكتيكات “الجهادية” لتلك الحركات الفرصة للمحتل بأن يدمغ المقاومة المشروعة للاحتلال بالإرهاب، وبدأت القضية الفلسطينية تخسر داخليا وعربيا ودوليا. وهكذا نجحت هذه الجماعات الإسلامية لحدود كبيرة فيما عجز عنه الاحتلال وهو تصفية القضية الفلسطينية من الداخل.

هل تدرك قيادات الحركات المسلحة – قبل فوات الأوان – أنها حولت حركاتها إلى أدوات بيد أعدائها لتصفية قضايا المواطن السوداني العادلة، وتعيد النظر في مواقفها، أم أنه لم يعد هناك مفر من مصير الجماعات الجهادية الذي ينتظرها؟!

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.