الخرطوم: هديل عماد الدين – آية الصباغ
وفق إيقاعات من الحنين يعزف طلاب بيت العود السوداني حكاية لها صوتٌ يُسمع، من خلال أوتار للتلاقي يرسمون دروباً مميزة يربطون بها عبق الماضي وأصالة الحاضر لتشكل لوحة مختلفة عند سامعيها.
حكاية وتر
لبيت العود السوداني بصمته المميزة، التي ظهرت من خلال أصالة وتره في مختلف البلدان العربية التي كان حاضراً فيها كمصر والبحرين والإمارات، شكل من خلالها هوية موسيقية عربية، حتى وصل صداه إلى أرض السُمر السودان. في قلب عاصمتها الخرطوم تشكّل بيت العود السوداني، لتزدان بعدها المقامات الموسيقية المختلفة وتزدهر بما يميز الثقافة الموسيقية للسودان بتنوعها من خلال السلم الخماسي لتضاف مدرسة جديدة لبيت العود.
أحمد شمة – مدير بيت العود في الخرطوم
يقول أحمد شمة مدير بيت العود في الخرطوم إن ما يميزه (بيت العود الخرطوم)، هو السلم الخماسي، لأن المدرسة السودانية بصورة عامة لديها أسلوب مختلف وخاص بها، وذلك لما بها من ألحان وكلمات عميقة وحالة مختلفة تميزها عن الأخريات. وأضاف أنهم في بيت العود بالخرطوم استطاعوا أن يقدموا في مدينة دبي بمشاركة 50 عازفاً من السودان بعد مرور عامين برغم الظروف التي كانت تمر بالبلاد من أوضاع الجائحة وغيرها من الأحداث، إلا أنهم أنتجوا عدداً يختلف عن كل مكان، في فعالية مميزة مثلت السودان بالشكل الأمثل.
هويتي أثري وهي أنا
لكل عازف وموسيقي بصمتهما الخاصة التي تمثل الهوية الموسيقية، لذلك يسعى بيت العود في الخرطوم إلى أن يصل طلابه إلى هذا المستوى من الثقافة والتبحر من خلال اعتماد مناهج ومقامات ونوتات موسيقية من مختلف أنحاء العالم الشرقية والغربية والكلاسيكية منها، في محاولة لبناء حالة من التنوع والشمول في الهياكل الموسيقية داخل بيت العود، كل ذلك من خلال كوكبة من الأساتذة والمختصين لمساعدة الطلاب على إيجاد البصمة الضائعة لكل منهم.
يحوي بيت العود الكثير من الأقسام التي تشمل مختلف أنواع الآلات الموسيقية كالعود والكمان وغيرها من الآلات، التي من أشهرها وأكثرها تفرداً هي آلة القانون.
هتان الحاج – طالبة في بيت العود
تحكي هتان الحاج الطالبة في بيت العود التي اختارت القانون لتكون آلتها الموسيقية ذات الأوتار الأنيقة، العريقة من حيث تاريخها، تقول إن بداية انضمامها لبيت العود منذ ما يقارب العام والثلاثة أشهر، حيث تشكلت بينها وبين آلة القانون علاقة من نوع خاص نسبة لشموليتها.
“تمثل هذه الآلة قانوناً للموسيقى الشرقية، ذات مدى صوتي واسع” كما تقول. وتضيف إن هذه الآلة غابت عن المشهد الفني لأكثر من 60 عاماً، حيث كانت ضمن الأركسترا الرسمية للإذاعة السودانية عام 1956 م بعدها اختفت تماماً من التسجيلات، وذلك نسبة لصعوبة التعامل معها وتقنيات العزف عليها، ما أدى لغيابها وندرتها في الساحة السودانية، الأمر الذي دفعها لخوض هذا التحدي، في مساهمة منها لاستخدام آلة القانون لتطوير السلم الخماسي في الموسيقى السودانية، نسبة لجمال هذه الآلة وثرائها، وأنها يمكن أن تسهم في تقديم الموسيقى السودانية بشكل أكثر جمالاً للعالم.
صناعة حُلم
تلك الأيادي التي كانت ترسم بالريشة لوحات من الجمال والفن هي ذاتها التي أضحت صانعة للأصالة لحناً ووتراً.
مصطفى الطيار – عازف وحرفي وطالب في بيت العود
مصطفى الطيار ذلك الفنان التشكيلي في مرسمه والحرفي الماهر في ورشته، استطاع من خلال بيت العود الخرطوم أن يحقق ما كان يحلم به، بأن يصبح عازفاً ماهراً ويصنع آلته بيده، ذلك الطالب الذي كان من أوائل المنضمين لبيت العود منذ افتتاحه عام 2020م تتلمذ على يد أساتذة لهم بصماتهم الموسيقية المعروفة، واستطاع أن يصنع آلته المميزة بنفسه، وتطور حتى أصبح الشخص المسؤول عن ورشة بيت العود في الخرطوم، ليساعد زملاءه في صيانة آلاتهم وصنع آلات بمواصفات وقياسات دقيقة واحترافية.
يقول مصطفى إن العود يمر بمراحل مختلفة تبدأ من الإاختيار المناسب للخشب، ويستخدمون خشب يسمى ( Indian Rosewood) والذي يتم استيراده من الهند وغيرها من الأنواع، حيث يعملون على كل جزء من العود يدوياً ما يضمن إبراز أهم التفاصيل فيها، وتستغرق مدة العمل فيه شهراً أو أكثر بقليل.
ختم مصطفى حديثة بأن العود يُعطر بعواده، في دلالة على أن جودة العود تتطور بكثرة استخدام صاحبة، فهي من الآلات التي تقل جودتها ويضعف صوتها بقلة استخدامها، فهي آلة تزدهر بكثرت العزف عليها.
أوتار مدروسة
للمدارس الموسيقية المختلفة مناهج تمثل إرثاً ثقافياً وحضارياً للمناطق الجغرافية المختلفة، هذا ما يسعى له بيت العود في الخرطوم ما يجعله مختلفاً ومميزاً ليشكل بذلك الصورة الكاملة والهوية الأفروعربية للفن الموسيقي.
عازم عثمان الحاج – طالب في بيت العود الخرطوم
يقول عازم عثمان الحاج الطالب في بيت العود الخرطوم إن بيت العود علمه التكنيكات المختلفة للموسيقى في العالم بمختلف أنواعها ومدارسها، وإنها تمثل تجربة ناجحة بشكل كبير، وهي كمنهج فإنه يضيف نكهة مختلفة للموسيقى السودانية من خلال تعلم أساليب جديدة يستطيعون من خلالها كطلاب بيت العود أبراز الثقافة الموسيقية السودانية بشكل أكثر جمالاً للعالم. وختم حديثه مع أمنية بأن تؤخذ الموسيقى السودانية بعناية واهتمام أكبر وإضافة مناهج جديدة تسهم في تطورها.