آخر الأخبار

المعلومات المضللة.. انتشار رغم الإجراءات

 

تقرير ـ مصطفى سعيد
يشتكي عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان في هذه الأيام من عدم ظهور الصفحات والحسابات المهمة التي يُتابعونها، بل إن هذه الصفحات لا تظهر لهم في حائط اليوميات، فيضطر المستخدم للدخول إلى مربع البحث ليبحث عن المحتوى الذي يُريده.

هناك مزاعم تقول بأن الأمر تقف وراءه حملات تضليل ممنهجة، والمعلوم أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ذات أثر عميق في الحياة اليومية وحتى السياسية، إذ يمكن لبضعة أسطر منشورة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن تُشكِّل رأيًا عامًا حول قضية أو حدث مُعيَّن، لذلك من الطبيعي أن تتعامل مختلف الأنظمة في كل أنحاء العالم بحذر شديد مع هذه المواقع.
ووفقاً للإحصائيات فإن 30٪ من السودانيين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي.

شبكات وهمية
الأمين العام للمركز السوداني للتربية الإعلامية والمعلوماتية، الصحفي محمد المختار محمد، يصف انتشار المعلومات المضللة بالظاهرة المقلقة والمهددة للمجتمعات وللديمقراطيات.

ويضيف: “شركة فيسبوك تُصدر تقريرًا كل ثلاثة أشهر ترصد فيه الحسابات أو الصفحات التي تنشر محتويات تضليلية، ومن الصعوبة في السودان الوصول إلى العدد الكلي لناشري المحتوى التضليلي، لكن هنالك بعض الصفحات الواضحة”.
وكانت شركة فيسبوك قد أعلنت إغلاقها لعدد من الحسابات والصفحات بالمواقع واصفةً إياها بأنها تُهدد الأمن الداخلي للسودان، وذكرت فيسبوك أنها أغلقت شبكتين كبيرتين تستهدفان مستخدمي الموقع في السودان في الأشهر الأخيرة.

جدير بالذكر أن إحدى الشبكات التي تمت إزالتها مرتبطة بقوات الدعم السريع، وتشمل الشبكة ما يُقارب ألف حساب بجانب صفحة بها حوالي مليون متابع. وبحسب الملاحظات فإن هذه الشبكة عملت على تعزيز المحتوى الإعلامي الخاص بقوات الدعم السريع.
ديفيد أجرانوفيتش، مدير إدارة تعطيل التهديدات في فيسبوك، قال إن الشبكة تم تحديدها من خلال التحقيق الداخلي للمنصة.
أما الشبكة الأخرى، فإنها تضم أكثر من 100 حساب وصفحة ولديها أكثر من 108 مليون متابع، وتُدار من قبل أشخاص تم تصنيفهم على أنهم من مؤيدي الرئيس السوداني السابق عمر البشير للتحريض على القيام بانقلاب عسكري.
تقول فيسبوك إنها تستخدم إشارات فنية على منصتها لاستهداف مجموعات تعمل على تضليل المستخدمين، بينما يقول باحثون يعملون في شركة فالنت بروجكتس إنهم يعتمدون على تحليل المحتوى، مشيرين على سبيل المثال إلى مشاركة حسابات مختلفة لمنشور واحد في وقت واحد.
وقالت فالنت بروجكتس، إن الشبكة التي حددتها كانت أكبر بثلاث مرات من تقييم فيسبوك، وجذبت ما يربو على ستة ملايين متابع وكانت مستمرة في النمو.
وذكر ممثلون عن فالنت بروجكتس، إن الشبكة كانت نشطة حتى هذا الأسبوع وكانت تحرض على تحرك عسكري مع تجمع المحتجين في وسط الخرطوم.
وعند سؤاله عن اختلاف التقييمات قال أجرانوفيتش المسؤول بفيسبوك إن الشركة واثقة من أنها أغلقت الشبكة بالكامل وأن الحسابات الأخرى التي حددتها فالنت ليست على صلة بها.
وقالت الشركة أيضا إنها أزالتها بعد تلقيها بلاغا من شركة (فالنت بروجيكتس)، وهي شركة أبحاث مستقلة استأجرتها وزارة الإعلام السودانية للنظر في أنشطة مرتبطة بالموالين للبشير.

مضللة وخاطئة وضارَّة
يعرف الأمين العام للمركز السوداني للتربية الإعلامية والمعلوماتية، الصحفي محمد المختار، المعلومات المضللة بأنها المعلومات الخاطئة التي تُنشر بقصد لتضليل قطاعات واسعة من الناس، وهي تؤثر بشكل كبير في الرأي العام، ويعتبر محمد المختار، أن واحدة من أكبر تحديات الفترة الانتقالية في السودان انتشار المعلومات المضللة، ويصفها بأنها مربكة للرأي العام.

يضيف مختار أن المعلومات المضللة تؤثر في الأنظمة في العالم ككل، فقد أثرت في الانتخابات الأمريكية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الأحداث.
ويقول إن المعلومات المضللة هي على عكس المعلومات الخاطئة، فهي في الغالب تكون غير مقصودة، ولا ترتكز على نوايا تضليلية. كما أن هناك نوعًا آخر يسمى بالمعلومات الضارة، وهي تُصدر بنية قصد مسبق لاستهداف أشخاص أو مؤسسات لإلحاق الضرر بها.

مكافحة المعلومات المضللة
يقول محمد المختار إن شركات الإنترنت الكبرى مثل (قوقل) و (ميتا) تسعى لمحاربة المعلومات المضللة عبر الذكاء الصناعي، كما أنها غيرت في خوارزميات النشر، وتعتبر محاربة المعلومات المضللة من صميم مهامها.

أما في السودان فإن أهم إجراء يتم اتباعه هو رفع الوعي بثقافة التحقق من المعلومات. ويرى محمد المختار أن الوعي العام والعقل النقدي إذا صار عاليًا في التحقق من كل المعلومات المنشورة على المواقع، سواء أكانت أخبارًا أو صورًا أو فيديوهات، فإنه يعد أداة فعالة في محاربة المعلومات المضللة وتحد من تأثيرها، وهذا الأمر يتم بالتربية الإعلامية المعلوماتية، وهنالك نماذج لدول كثيرة قامت بإدخال هذا النوع من المعارف في المناهج الدراسية، تحتوي هذه المناهج على آليات عمل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بجانب المحتوى.
كما أن الجزء الثاني من هذه التربية الإعلامية المعلوماتية استخدام وسائل فحص المعلومات للتأكد منها، كذلك هناك جهات متخصصة مهمتها الرصد والتحقق من المعلومات عبر فحصها وتمليك النتائج للرأي العام.
يرى محمد المختار أن الإعلام كلما كان قويًا في نشر المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب وتمليك الحقائق للعامة، فإنه يستطيع التصدي للحملات التضليلية.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.