الخرطوم: بشير النور
خفتت الأضواء عن (عصام، صديق، أمامة، أسماء، محمد عمر) أبناء الدكتور حسن عبد الله الترابي، الزعيم الإسلامي، بعد أن كانوا أصحاب حضور لافت في الساحة السياسية.
وتوفي الزعيم الإسلامي السوداني، حسن عبد الله الترابي، في العام 2016 وترك حزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه في عام 2000 عقب مفاصلته الشهيرة مع الرئيس السابق عمر البشير.
وأرجع مهتمون خفوت الأضواء عن أبناء الترابي إلى الطريقة التي رباهم عليها والدهم بأن لا يكونوا قريبين من وراثة قيادة حزب المؤتمر الشعبي، مثلما يحدث الأمر عند زعماء الطوائف الدينية. فيما أرجع آخرون الأسباب إلى ثورة ديسمبر بالسودان التي حجبت الرؤية تجاه أبناء الترابي وعموم الإسلاميين.
غياب التوريث
ويقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين الدكتور فتح الرحمن أحمد لـ (سلا نيوز) إنه على غير عادة الزعماء السياسيين السودانيين غابت ظاهرة التوريث السياسي للأبناء والإخوة عن منهج عائلة الدكتور حسن الترابي، حيث لم ينل أحد ابنائه أو إخوانه منصباً قيادياً خلفا له في المؤتمر الشعبي أو الحركة الإسلامية.
وأضاف: “في اعتقادي أن ذلك يعزى لعدد من الأسباب أهمها أن دخول الترابي نفسه للعمل السياسي العام ومسيرته الطويلة فيه وارتقاءه إلى أعلى مراتبه كانت نتاج جهاد ذاتي وعمل عصامي دون حاملة أو حاضنة سياسية من إرث أو قبيلة”.
وأوضح فتح الرحمن أن قناعات الترابي بالتأثير السالب للطائفية على التنظيمات السياسية ورفضه لنهجها يبدو واضحا في كل كتاباته ونشاطاته السياسية التي استهدفت تجاوز ورفض الطائفية السياسية، كما تبنى الترابي منهج التجديد الفكري في العمل السياسي الإسلامي ونادى بعصرنة هذا الفكر في إطار الحداثة ما يجعل من قبول الترابي لمبدأ التوريث أمراً يناقض هذا التوجه، وتابع: “عليه لم يبذل الترابي أي جهد لربط قيادته للحركة الإسلامية بالنواحي الأسرية كما فعل نظرائه في الأحزاب التقليدية”.
صراع الولاءات
وبحسب فتح الرحمن فإن الترابي يعتقد أن ميدان التنافس الرئيس في الصراع السياسي الداخلي في السودان محور تجاذب وتنافس بين الحزبين الكبيرين، الأمة والاتحادي اللذين يستندا على الإرث الأسري ولا يمكن هزيمتهما إلا بطرح مغاير يتجنب التنافس الأسري الذي لا يمكن هزيمة الأسرتين التاريخيتين فيه.
وزاد: “وعليه فإن الترابي حرص على خلق رباط مصاهرة بين قيادات الحركة الإسلامية وأسرة المهدي خاصة أملاً في تحييد الصراع الديني (صراع الولاءات) معها، والتركيز على التنافس السياسي مع حزبها، أي تخفيف حدة المواجهة الدينية بين الحركة الإسلامية وكيان الأنصار مما يعطي مساحة لحرية الحراك السياسي ضد حزب الأمة كمنافس سياسي وليس ديني”.
كذلك يرى فتح الرحمن سبباً آخر لخفوت نجومية أبناء الترابي وهو ربما لمحدودية اهتمامات أبناء الترابي بالعمل السياسي التنظيمي المباشر تجنيبا للترابي من تهمة المحاباة للأهل والعائلة في ظل الهجوم المتواصل عليه من خصومه ومنافسيه الذين ظلوا يكيلون له كثيرا من التهم طوال فترة مشاركته في الشأن العام. وتابع: “عليه ربما رفض أبناؤه بمحض إرادتهم فتح جبهة إضافية تشكل ضغطا على الترابي”.
منزل الترابي
من ناحيتها قالت عضو حزب المؤتمر الشعبي الدكتورة خديجة كرار لـ (سلا نيوز) إن أبناء المرحوم الترابي في حياة والدهم لم يعملوا في العمل العام ولا الحركة الإسلامية عدا أسماء التي عملت في أمانة المرأة بالحزب.
وتابعت: “لا أدري هل كانت رؤية والدهم الترابي أم هي رؤيتهم الخاصة”. وذكرت خديجة أن وضع أبناء الترابي بعد وفاته استمر كما كان في السابق حيث أن منزل الترابي ما زال مفتوحا وأبناءه مشاركون في الاجتماعات.
ونبهت خديجة إلى أن حزب المؤتمر الشعبي أيضا لم يحاول أن يظهر أبناء الترابي وتساءلت: “لا أدري هل هي رغبتهم أم لديهم موقف مع أنهم ليسوا أقل من والدهم”.
وراء ستار
بينما قال الصحفي أحمد عمر خوجلي، لـ (سلا نيوز) إن الترابي كان حريصاً على أن يبتعد أبناءه عن الظهور السياسي، رغم أنهم مؤهلون، مضيفاً: “لكن (صديق وأمامة) مارسا نشاطهما السياسي من وراء ستار دون تسليط أضواء عليهما وهما لا يتقلدان مناصب حزبية أو تنفيذية، عدا (عصام) الذي نحى منحى مختلفاً بممارسة نشاطه الرياضي والتجاري”.
وأضاف خوجلي أن ظهور عموم الإسلاميين (الشعبي والوطني) بعد ثورة ديسمبر كان ضعيفا لعدم قبول المجتمع لهم، وذكر خوجلي أنه لولا الثورة لكان ظهور أبناء الترابي (طاغياً) كنوع من الوفاء للترابي وكتعويض لهم مع إمكانياتهم الكبيرة التي ظهرت في الكثير من المناسبات.
من ناحيته، أكد عبد الحي الشريف من قرية (ود الترابي) بولاية الجزيرة، أن الفكرة الأساسية للترابي هي “الإنسان وكسبه وهو لا يورثه بالتنصيب”، وقال إن أجهزة الإعلام الآن تتجنب أي شخص له صلة بالترابي وهي حرب موجهة ضد التيار الإسلامي، حسب قوله.