كتب: محمد المعتصم حاكم
تحقق استقلال السودان بالكفاح والنضال المشترك ووحدة الصف الوطني وتعثرت ثورة ديسمبر المجيدة بسبب الخلافات والصراعات والإقصاءات السياسية التي ترتكز على الحزبية الضيقة وخطابات الكراهية والجهوية والمصالح الذاتية بعيدا عن قضايا الوطن والمواطنين.
كان إعلان الاستقلال المفاجئ من داخل البرلمان في التاسع عشر من ديسمبر عام 1955 حدثا تاريخيا فريدا أدهش كل دول العالم بما في ذلك دولتا الحكم الثنائي مصر وبريطانيا التان رفضتا حق تقرير المصير الذي طالبت به كل جماهير الشعب السوداني وعلى رأسهم مؤتمر الخريجين برئاسة الرئيس إسماعيل الأزهري وزعامة مولانا السيد علي الميرغني بجانب الحركة الاستقلالية لحزب الأمة بزعامة السيد عبد الرحمن المهدي والسادة الإشراف بقيادة الشريف يوسف الهندي ورفضا لتقرير المصير الذي طالبت به تلك الإعدامات التاريخية وافق الحكم الثنائي البريطاني المصري على الحكم الذاتي عبر انتخابات لجمعية تأسيسية والتي أجريت في عام 1953.
ونال أغلبية المقاعد بها الحزب الوطني الاتحادي مما أهله لتشكيل حكومته منفردا وتلاه حزب الأمة وثلاث مقاعد للجنوب وكانت المفاجأة الكبرى بعد ذلك حينما تم اعلان استقلال السودان من داخل البرلمان بإجماع كل الأعضاء.
وطالب إسماعيل الأزهري دولتي الحكم الثنائي بالإعلان رسميا عن الاعتراف بذلك القرار وقد كان له ما أراد حيث قام برفع علم السودان رسميا في الأول من يناير عام 1956 عبر تضامن وطني رائع حينما شارك ممثل حزب الأمة محمد أحمد محجوب في رفع العلم مع الرئيس الأزهري بعد إنزال علم المستعمر البريطاني.
إننا اليوم أمام امتحان عسير ما بين الوطنية التي جسدها الرعيل الأول بالنضال المشترك بين كل القوى السياسية والتي تضامنت واتحدت وصولا إلى ذلك الاستقلال المجيد فتلك الدروس التاريخية تحملنا جميعا مسؤلية الحفاظ على ذلك الاستقلال، رافضين لأي استعمار جديد أو تدخل خارجي في شاننا السوداني.
بل يجب على كل القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح ومنظمات المجتمع المدني أن تهتدي بسلوك ومواقف الرعيل الأول بأن يكون الوطن فوق الجميع والأولوية للشعب السوداني وصولا للاستقرار والتنمية والسلام العادل والديمقراطية المستدامة.
وعلى الصعيد التربوي يجب أن تتضمن مناهجنا الدراسية من الابتدائية وحتى الجامعة تاريخ السودان الحديث، وكيف تحقق الاستقلال وثورة 1924 بدلا من تلك الموتمرت الصحفية والأحاديث المتكررة.
كما يجب أن نقيم الندوات والمحاضرات للشباب في الأحياء وتعريفهم بتاريخ أجدادهم وأيضا تمليكهم المعلومات حول مواثيق الأمم المتحدة، خاصة تلك التي تتعلق بالإعلان الدولي لحقوق الإنسان واحترام الرأي والرأي الآخر.
وعلى صعيد قضايا الوطن من هنا أناشد كل مجموعات قوى الحرية والتغيير والأحزاب السياسية وأصحاب المبادرات، وكذلك الأخ عبد العزيز الحلو والأخ عبد الواحد محمد نور أن يكون للوطن الأولوية القصوى في أجندتهم الحزبية؛ حتى نستعيد استقلال السودان الذي صار يواجه مخاطر الانقسامات والصراعات القبلية وذلك لغياب التضامن الشعبي ووحدة الصف الوطني