الخرطوم – عثمان الأسباط
استحدث الثوار خلال المواكب وسائل للخروج بأقل الخسائر، خاصة بالنسبة لأصحاب الإصابات الطارئة أثناء التظاهرات، حيث يحتشد ما يربو عن مائة من أصحاب الدراجات النارية في مقدمة المواكب لتقديم الإسعاف الضروري للمصابين.
وفي خط طويل ينال إعجاب وحماسة الثوار، فإن أصحاب الدراجات النارية ينقلون المصابين لاقرب مشفى ميداني، أو مستشفى عام قريباً من نقاط تجمع وتسيير المواكب.
وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، أن عدد ضحايا الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني منذ (25) أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ارتفع إلى (65) قتيلاً بجانب آلاف المصابين.
ميزات عديدة
لجأ الثوار لفكرة الإسعاف بالدراجات لسهولة حركتها وسط الحشود، وسرعة تجاوزها للمتاريس التي دائما ما يتم نصبها لحماية ظهور المواكب في تقدمها نحو الهدف، وحتى لاتقع فريسة للأجهزة الأمنية، وقدمت (المواتر) كما هي معروفة شعبياً خدمة جليلة للثوار، كما أن أصحابها لا يكترثون لأي عواقب وخيمة مثلما في الملاحقة من قبل السلطات، فإن أصحاب الدراجات لا يتأخرون عن كل المواكب، ويستعدون باخفاء لوحاتها حتى لا يمنعها البصاصون من تكرار تواجدها المهم في إنقاذ وإسعاف الثوار.
ويشهد السودان احتجاجات متواصلة في عدة مدن وولايات، على رأسها العاصمة الخرطوم، وأم درمان، تلبية لدعوات من تجمع المهنيين السودانيين وقوى سياسية أخرى، لمنهاضة الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة في البلاد، عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ابتكار نوعي
يقول الصحفي حسن محمد علي لـ (سلا نيوز): “منذ أن تجددت عمليات العنف على المتظاهرين، فإن الثوار باتوا صيداً سهلاً للسلطات الأمنية، في ظل معادلة متظاهر أعزل سلمي، أمام آلة قمع حصدت حتى الآن ما يزيد عن الستين قتيلاً، لكن أيضاً فإن الثوار وأمام ذلك القمع الوحشي، ابتكروا طريقة نوعية لإجلاء المصابين بسرعة فائقة”.
وأشار (حسن) إلى أن (المواتر) ساهمت في سهولة وصول المصابين إلى المستشفيات.
إجلاء المصابين
وقال أحد سائقين الدراجات النارية لـ (سلا نيوز) : “نحن نساعد بقفل الطرق ونفتح المجال أمام الموكب ويصل إلى الموقع المراد، والهدف الأساسي من مساعدتنا هي اجلاء المصابين”.
وأضاف: “ظل المسعفون يقومون بإجلاء المصابين بواسطة (المواتر) وفق مسارات محددة وممرات ضيقة تركت مفتوحة بين المتاريس”.
حيلة ذكية
يقول المحلل السياسي صديق دلاي لـ (سلا نيوز): لعل من مواهب ثورة ديسمبر المجيدة أنها ابتكرت عدد كبير من الحيل الذكية ذات المهام الكبيرة من بينها استخدام الدراجات النارية.
ويضيف: “تلعب (المواتر) دوراً بارزاً في إعلان موقف المواكب من مسار إلى مسار بجانب التبليغ عن الموكب القادم من منطقة أخرى”.
وتابع : “تُعدُّ الدراجات مرسال بشريات وواحدة من أدلة التكتيك العالي للسير في المسارات، كما أنها لعب دور رئيسي في إسعاف الجرحى من مكان الاشتباك إلى أقرب مستشفى”.
ولفت (دلاي) إلى التفاني والإخلاص منقطع النظير من قبل أصحاب (المواتر)، ووصف مشهد الدراجات النارية وهي تحمل الجرحى بأنه إشارة إلى وجود عزيمة ووحدة ثورية وتنبه إلى أنه لا مجال للحيرة.