آخر الأخبار

الحلو مر.. محبوب السودانيين وسيد المائدة الرمضانية

الخرطوم – ريم إبراهيم
ما إن يطل شهر شعبان، إلا وتتصاعد أدخنة وتفوح روائح جميلة، تعلمها جميع الأسر السودانية تبشر بدنو الشهر الفضيل.

عبق الحلو مر أو الآبري حين صناعته يمتد إلى مساحات بعيدة، تعيد الأشخاص إلى ذكريات رمضان، فهو بمثابة رمز وإرث تليد وباق في الشعب السوداني، تناقلته الأجيال عن سوالفها،  لم تؤثر في ذلك مجريات الحياة ولا ظروف الناس، صناعته وإعداده يدخلان البهجة إلى قلوب الكبار والصغار.

يُعد الحلو مر (الآبري) من أكثر المشروبات التي تميز بها الشعب السوداني عن بقية الشعوب وصارت جزءا من  عاداته وتقاليده التي ظل يقدمها إلى الشعوب الأخرى.

ويحتل المشروب المصنوع من الذرة المكان الأبرز على مائدة رمضان لدى الأسر السودانية، بل  يعد سيد المائدة، ويندر أن تجد بيتاً يخلو منه. وجاءت تسميته بالحلو مر لأنه يجمع بين الحلاوة والحموضة في آن واحد.

مرحلة التزريع

تقوم النساء في السودان بإعداد الحلو مر على مراحل تبدأ بمرحلة التزريع وهي وضع حبيبات الذرة على إناء وتغطيتها بجوال (خيش) لأيام مع سقيها كل يوم بالماء حتى تنبت، فيصير مثل الزراعة، لذا جاء اسم (الزُرّيعة)، بعد ذلك توضع تحت حرارة الشمس لأيام حتى تجف تماماً، فتطحن وتصير دقيقاً. لتبدأ بعد ذلك المرحلة الثانية وهي (الكوجان) أو ما تسمى عند بعض المناطق (المُدّيد).

الكوجان (المدّيد)
وفي هذه المرحلة يوضع إناء كبير على النار وتوضع عليه الماء حتى تغلي ويوضع بها دقيق الذرة الحمراء وتحرك حتى تصبح متماسكة تماماً تماثل العصيدة، وبعد ذلك يتم إنزالها على الأرض وإضافة الزريعة لها وخلطها حتى تصبح كتلة واحدة. وفي هذه المرحلة تضاف مجموعة من البهارات التي تلعب دوراً كبيراً في إكسابهُ الطعم المميز والرائحة الفريدة وهي الزنجبيل الأحمر والأبيض، والقرفة، والحلبة، والكمون، والبعض الآخر يضيف الكركدي والكسبرة والشمار.
بعد ذلك يوضع الخليط حتى يختمر لمدة تتراوح ما بين يومين إلى ثلاثة أيام، حسب الطلب فكلما زادت فترة تخميرة زادت حدة طعمه.

طقوس العواسة

فيما تأتي المرحلة الثالثة وهي الأخيرة في صناعته وما تسمى بعواسة الحلو مر وتمر بطقوس مختلفة، بعض النساء يقمن بالتجمع في أحد منازل الجيران أو الأصحاب، داخل الأحياء، ويكون في شكل نفير، ويبدأن بإشعال نيران الحطب أو الفحم وتعلىّ أطرف الصاج (الأداة المستخدمة في عواسة الآبري) باستخدام الطوب أو الحجارة ويوضع الحطب تحته، ويبدأن بالتناوب واحدة تلو الأخرى، حتى (الطرقة) الأخيرة.

وبالجانب الآخر يقوم بعضهن بإعداد القهوة والشاي، وتعلو أصوات ضحكاتهن سماء الحي، ويتجاذبن أطراف الحديث حتى الانتهاء من عواسته، وهناك من لا تستطيع (العواسة) تقوم بتأجير واحده تعينها على صناعته بدلاً عنها، والبعض الآخر يكتفي بشرائه من أحد البائعات بالأسواق أو المتاجر بالأحياء.

مشروب الحلو مر
ينقع الحلو مر عقب صناعته في الماء إلى وقت محدد قد يتجاوز أربع ساعات ويتم تصفيته ويضاف إليه السكر ويتم تقديمه ويشرب باردا.

فوائد صحية
تستخدم في صناعته بعض الأعشاب التي تحتوي على الألياف الغذائية والنشويات حيث تمد الجسم بالطاقة ويتميز أيضا بخاصية الارتواء من العطش، كما يعد المشروب مساعداً في عملية الهضم.

تدور كؤوس مشروب الحلو مر بين الجالسين دون توقف حتى الارتواء، فهو يبعث انتعاشاً في نفوس الكبار والصغار عقب شربه، وإلى جانب خصائصه المعلومة من مذاق متفرد ورائحة معتقة تشابه السودانيين في خصالهم، فهو المشروب الذي تتساوى جميع الفئات العمرية والاجتماعية السودانية في حبه.

 

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.