آخر الأخبار

السودان.. التوتر العسكري يعطل العملية السياسية

الخرطوم- سلا نيوز

مضت أيام كثيرة على أول تأجيل للتوقيع على الاتفاق السياسي النهائي بين القوى العسكرية والمدنية في السودان، بعد أن كان مقررا في مطلع أبريل/ نيسان الجاري.

ورغم التصريحات المتطابقة بين العسكريين والمدنيين حول قرب الوصول إلى اتفاق نهائي في البلاد، إلا أن عدم تحديد موعد جديد للتوقيع وجه الأنظار نحو أسباب الخلاف الحقيقية التي تؤجل اتفاق الفرقاء.

ويعد الخلاف على بند “الإصلاح العسكري والأمني” السبب المعلن لتأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي لمرتين، الأولى في مطلع أبريل الحالي والثانية في 6 من ذات الشهر، غير أن خلافات أخرى وسط المدنيين ما تزال تعطل الوصول لاتفاق شامل بين كل أطراف الأزمة في البلاد.

** تأجيلان بلا موعد جديد

في 5 أبريل الجاري، أعلنت “قوى إعلان الحرية والتغيير – المجلس المركزي”، إرجاء توقيع الاتفاق السياسي النهائي لأجل غير مسمى، بسبب استمرار المباحثات بين الأطراف العسكرية.

وفي 7 من الشهر نفسه، أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان “اقتراب” الانتهاء من الاتفاق السياسي النهائي، مشيرا إلى أن التأخير سببه خلافات بشأن بند “الإصلاح الأمني والعسكري”.

وتعود بداية الخلافات إلى تاريخ 29 مارس/ آذار الماضي، حين اختتم مؤتمر “الإصلاح الأمني والعسكري” بالخرطوم، آخر مؤتمرات المرحلة النهائية للاتفاق السياسي، وغاب عنه قادة الجيش بسبب خلافات حول دمج قوات “الدعم السريع” في الجيش، الذي أعلن لاحقا التزامه بالعملية السياسية والتطلع لاستكمال “عمليات الدمج”.

وينتظر أن تنهي خلافات الفرقاء السودانيين عملية سياسية انطلقت في 8 يناير/ كانون الثاني الماضي، بين الموقعين على “الاتفاق الإطاري” في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2022، وهم مجلس السيادة العسكري الحاكم وقوى مدنية أبرزها “الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي”.

وتسعى العملية السياسية للتوصل إلى اتفاق يحل أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حين فرض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ.

** خلافات العسكريين

اشتدت حدة الخلافات بين الجيش الذي يقوده عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات “الدعم السريع” التي يقودها نائبه محمد حمدان “دقلو” على بنود الإصلاح الأمني والعسكري.

و”الدعم السريع” قوة مقاتلة شكلت لمحاربة المتمردين في دارفور غربي السودان ثم لحماية الحدود وحفظ النظام لاحقا، وتأسست في 2013 كقوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، ولا توجد تقديرات رسمية لعددها، إلا أن المؤكد أنها تتجاوز عشرات الآلاف.

وتعد نقطة “قيادة القوات” في الفترة الانتقالية، القضية الشائكة التي يواجهها بند الإصلاح العسكري والأمني، باعتبار أن كلا الطرفين يتمسك بموقفه، وسط أنباء عن تجاوز نقاط خلافية أبرزها “المدة الزمنية” لدمج قوات الدعم السريع في الجيش.

يطالب الجيش أن تكون قيادة القوات العسكرية في الفترة المقبلة تحت قيادته، بينما يدفع “الدعم السريع” بأن تكون قواته المشتركة مع الجيش تحت قيادة مدنية، وفق وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة “السوداني” المستقلة.

ويتمسك الجيش السوداني وفق مراقبين، بأن تكون فترة دمج قوات “الدعم السريع” عامين ولا تتجاوز ذلك، لأنه بنهاية العامين ستأتي الانتخابات، وحينها سيكون هناك جيش واحد خلال هذه الانتخابات، وليس عدة قوى قد تؤثر في مسار الانتخابات.

بينما ذكرت تقارير صحفية أن “الدعم السريع” طالب بعشر سنوات لدمج قواته، وهو ما يرفضه قادة الجيش.

وفي 28 مارس/ آذار الماضي، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان (اليونيتامس) فولكر بيرتس، إن عملية الدمج والإصلاح للوصول إلى جيش موحد تحتاج إلى 5 سنوات.

** خلافات المدنيين

بجانب خلافات العسكريين، فإن القوى المدنية ليست موحدة بشأن موقفها من الاتفاق النهائي، وهو أمر يعطل الوصول لحل شامل للأزمة السودانية.

منذ انطلاق العملية السياسية الحالية، غابت عنها قوى بارزة ممثلة في “قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية” وقوى “الثورة” (الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين َولجان المقاومة)، فلم توقع على الاتفاق الإطاري وظلت تقاطع مراحل العملية برمتها.

وتمثل “الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية” التحالف الأكبر الرافض للتوقيع النهائي، بحجة “الإقصاء” الذي يمارس ضدها من قبل المكون المدني الأبرز في الاتفاق وهي قوى “الحرية والتغيير – المجلس المركزي” (الائتلاف الحاكم سابقا).

وتأسس تحالف “الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية” في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 من حركات مسلحة موقعة على اتفاق سلام جوبا للسلام في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 أبرزها حركتي “تحرير السودان” بقيادة مني أركو مناوي و”العدل والمساواة” بقيادة جبريل إبراهيم.

وكذلك تضم الكتلة الديمقراطية مجموعات أخرى، بينها “الحزب الاتحادي الأصل” بقيادة جعفر الميرغني، و”المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة” وهو كيان أهلي بشرقي السودان بقيادة محمد الأمين تِرِك.

ورغم معارضتها للعملية السياسية، ظلت “الكتلة الديمقراطية” منخرطة في حوارات مع الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) بغرض تقريب وجهات النظر وتوقيعها على الاتفاق النهائي.

وتدعو “الكتلة الديمقراطية” لتوسيع قاعدة المشاركة في الاتفاق الإطاري وهو ما ترفضه القوى المدنية الموقعة عليه، بحجة أنها محاولة لإغراق العملية السياسية بإدخال قوى “لا علاقة لها بالانتقال الديمقراطي” ولم تكن جزءا من الإطاحة بالنظام السابق بل دعمت “انقلاب” البرهان.

ووسط هذا المشهد، فإن القوى المدنية الأخرى التي ترفض العملية السياسية الحالية، وعلى رأسها “الحزب الشيوعي” و”تجمع المهنيين” و”لجان المقاومة” ما زالت تقود الاحتجاجات في الشارع رفضا للاتفاق النهائي وتطالب بإبعاد العسكريين كليا من السلطة.

 

 

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.