الخرطوم ـ سلانيوز
كشفت مصادر متطابقة لـ (سلانيوز) عن تمسك رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بعد لقاء وُصف بالعاصف مع قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، بالاستقالة من منصبه.
وقالت المصادر إن الاجتماع الذي استمر لعدة ساعات اتسم بالصراحة والوضوح من جانب رئيس الوزراء، مشيرة إلى أنه أبدي عدم رضاه عن تعامل الأجهزة الأمنية مع المتظاهرين السلميين في ظل إستمرار أعمال العنف ووقوع قتلي وجرحى.
وأضافت أن حمدوك تمسك بالاستقالة التي أعلنها الأسبوع الماضي بالرغم من محاولات البرهان وحميدتي إثناءه عن التراجع عنها. ومضت تقول ”حمدوك أصبح محبطاً من أي وقت مضي وباتت كل محاولاته لإنقاذ الوضع السياسي من الانهيار مع تمسك الأطراف بمواقفها وعدم وجود أي بوادر لحل الأزمة السياسية”.
وكانت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية قد نقلت الاثنين عن مصادرها أن حمدوك قد طلب من طاقمه الاستعداد لترك العمل في المكتب وبدء إجراءات التسليم والتسلم.
وكان رئيس الوزراء السوداني الذي عاد إلى منصبه بموجب اتفاق سياسي مع البرهان في 21 نوفمبر الماضي قد برر الخطوة بأنها من أجل حقن دماء السودانيين بعد مقتل عشرات المحتجين على أيدي القوات الأمنية، كما تقول جهات حقوقية وطبية.
سبب الاستقالة
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خبر استقالة حمدوك وما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع بالبلاد، فمنهم من يرى أن بقاء حمدوك واستقالته باتا لا يؤثران في المشهد، ومنهم من يرى أن بقاءه في منصبه يخلق نوعاً من الاستقرار والتوازن المطلوب.
وكتب رئيس مجلس شؤون الوزراء الأسبق، خالد عمر يوسف على صفحته بالفيسبوك: “غض النظر عن صحة الأنباء التي راجت عن استقالة د. عبد الله حمدوك من عدمها، فقد لفت انتباهي أن سبب الاستقالة هو عدم توافق القوى السياسية، كما اتصل بي صحفي أجنبي من إحدى كبريات المؤسسات الإعلامية الأمريكية مستفسراً عن صحة أخبار وصلته بأن سبب استقالة د. عبد الله حمدوك هو تخاذل الحرية والتغيير عن دعم خطواته الأخيرة!!”. ويضيف خالد عمر: “إن الأزمة الحالية هي نتاج مباشر للانقلاب العسكري، وتكرار الحديث عن القوى السياسية وعدم توافقها هو في الأصل تماهٍ مع خطاب الانقلابيين وتبرير لما اقترفوه من جرم في حق البلاد”.
واختتم خالد عمر حديثه بقوله: “إن الغبار الكثيف الذي يثار الآن يجب أن لا يحجب أعيننا عن البداهات من واجبات الساعة الملحة.. الواجب الآن هو التوافق على جبهة شعبية موحدة لهزيمة الانقلاب وتأسيس سلطة مدنية ديمقراطية”.
الانتصار لمن؟
أما الناشط في وسائل التواصل الاجتماعي، الهادي ود البورت، فقد دون على حائط يومياته منشوراً موجهاً إلى رئيس الوزراء، قال فيه “إن من حق الشباب التظاهر في جو آمن، ومن حقهم عليك أن تحمي دماءهم، ومن حق المواطنين عليك التفاوض والوصول لوضع يحقق آمالهم، ومن حقهم الوصول إلى القصر بكل سلمية والإعتصام أمامه”.
وأضاف: “من حقهم عليك أن تسجل موقفاً سياسياً ينتصر لإرادة الشباب، حتى وإن كنت طالع، قبل ما تقفل الباب وراك أنت كنت ممثل ليهم ما بس ممثل للحرية والتغيير، من حق الشعب السوداني عليك تنتصر له في الاقتصاد والسياسة، لا أن تنتصر للجنة الأمنية والجنجويد وهم لم يأتوا بك”.
شخصية توافقية
بينما ترى المدونة مشاعر إبراهيم، أن الجماهير لم تمنح رئيس الوزراء فرصة لتحقيق مقاصده، حيث ذكرت أن الاتفاق الذي تم بين حمدوك والبرهان ساهم بشكل مؤقت في حقن الدماء، ولكن التصعيد المستمر من قبل الشارع جعل الشق العسكري يشعر بالهلع ويقابل الحراك الثوري بالقمع المفرط.
وتابعت: “فوجد حمدوك نفسه محرجاً أمام شعبه، لذلك لا غرابة أن ينسحب”.
وترى مشاعر أن انسحاب حمدوك لا يزيد المشهد إلا تعقيداً، حيث قالت: “في ظل التجاذبات الدائرة بين كافة الأطراف، فإن د. حمدوك هو الشخصية التوافقية التي يمكن أن تجمع عليها كافة الأطراف”.
حضن الانقلابيين
محمد إسماعيل كتب: “حمدوك بعد أن كان رمزاً للمدنية واعتبره كثير من الثوار مؤسس الدولة المدنية، اختار الطريق الخطأ، وخرج من الباب الضيق للتاريخ بعد أن انتحر سياسياً وفقد تعاطف ومحبة الشارع والشرعية الثورية عندما ارتمى في حضن الانقلابيين”.
وفي تعليقه على الخبر القائل بأن حمدوك أبلغ رئيس المجلس السيادي ونائبه البحث عن رئيس وزراء بديل، فقد كتب الناشط راشد عبدالقادر، على صفحته بفيسبوك: “أنا لو محل حمدوك لو فعلاً قررت أستقيل، بنتظر مواكب يوم ٣٠، ويعملوا لي منصة كبيرة في قلب واحد من المواكب وأخاطب الشعب السودانى والثوار، وأقدم استقالتي ليهم.. زول أداه التاريخ أكتر من فرصة ليسجل اسمو كحالة استثنائيه وما قدر، فأحسن ليه يطلع بصورة استثنائية”.