الخرطوم – هديل عماد الدين
ما بين أوضاع اقتصادية متدهورة، وضغط معيشي متزايد، ما زالت سلسلة الأحداث تتوالى على الشارع السوداني الذي ما زال صامداً حتى هذه اللحظة.
الخروج المباغت
يعد السمسم من أهم الحبوب الزيتية النباتية في السودان، تأتي أهميته من كونه محصولا غذائيا ومادة خاما مهمة للصناعة ومحصول نقدي مهم للصادر. ويأتي السودان الثاني من تسع دول أفريقية وعربية، من حيث أهمية وقيمة المصدرين للسمسم عالميا، إذ ينتج 80% من السمسم الذي يزرعه العالم العربي و 40% من السمسم المزروع في أفريقيا. ويستهلك منه ومن زيته محليا نحو 60% مما ينتجه سنويا.
إلا أنه خرج من المنافسة، حيث أصبح يحتل المركز الثاني بعد عائدات الذهب ولكن بفارق كبير، حيث انخفضت صادراته حتى بلغت 145 مليون دولار قياساً على عائداتها في شهور يناير – مارس (الربع الأول)، وذلك على حسب ما أوردته وكالة السودان للأنباء.
ويصنف السودان الرابع وأحيانا الثالث عالميا في إنتاج السمسم بعد الهند والصين، كما تشير إلى ذلك إحصاءات تجارته الدولية.
تحليلات
يقول محمد الناير الأستاذ المشارك بكلية الدراسات التجارية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا والخبير الاقتصادي، في حديثه عن المشاكل التي تواجه الصادر في السودان إن هناك تعقيدات كثيرت في خارطة الصادر، أولها تكاليف الإنتاج “حينما ترتفع التكلفة لن يكون المنتج منافس خارجياً ” على حد وصفه، بالإضافة إلى الرسوم والجبايات التي تفرض على المستويات المختلفة، كل هذه التعقيدات تؤثر سلباً في الصادرات.
“إذا لم تعمل الدولة على تذليل الصعاب، وإزالة العقبات سواء أكان ذلك في الرسوم أو الجبايات أو الضرائب التي تجعل تكلفت إنتاجنا مرتفعة وكذلك السياسات الأخرى الخاصة بتحرير أسعار المحروقات، إن لم تفعل ذلك ربما نقل عن 4 مليارات دولار وهي مبلغ لا يشبه السودان على الإطلاق”، هكذا عبر الناير في إشارة منه إلى المشاكل التي تتعلق بالصادر بشكل عام، وكيف سيؤثر ذلك في نسبة الإنتاج.
الضرائب
واجهت المحاصيل الاستراتيجية الكثير من المشاكل المتعلقة بالصادر، ومن أهم هذه المحاصيل هو السمسم الذي شهد ركودا كبيرا في الآونة الأخيرة، هناك العديد من الأسباب التي أثرت في هذا الأمر، مما أدى إلى حالة الركود يقول محمد الناير إن حالة الركود هي حالة عامة أصابت الاقتصاد السوداني، الذي ظل لفترة طويلة يعاني من حالة التضخم، وعبر بالقول إن حالة السودان شاذة واستثنائية، وإن قضية الضرائب هي قضية معقدة، مما أحدث تعقيدات في المشهد كبيرة من خلال إضراب عدد كبير من التجار في بعض أسواق الولايات وغيرها، ليس بسبب الزيادة الضريبية نفسها ولكن بسبب التقديرات الضريبية غير الواقعية وغير منطقية بصورة كبيرة، على حد تعبيره.
وأضاف الناير أن زيادة إيرادات الدولة لا تأتي بالزيادة الرأسية للضريبية، ولكن يمكن أن تأتي بالتوسع الأفقي لإدخال كل الذين يجب عليهم دفع الضريبة تحت المظلة الضريبية أفضل من الزيادة الرأسية التي تؤثر سلباً في الصادر.
محمد عثمان مصباح هو أحد المزارعين علق بالقول “البلد تعبانة تعب الموت، لكن إذا كان السمسم دا بيمشي بيجي عمله بالقنوات الرئيسية بتاعتو، بيجي بالبنك بيتحول، البلد بتستفيد، البلد دي مشكلتها سوء إدارة”.
يعاني الكثير من التجار والمزارعين من مشكلة حالة الركود في صادر السمسم، ما أثر بشكل كبير في القوة الشرائية وحركة السوق العام.
وبحسب الموجز الإحصائي لتجارة السودان الخارجية، فإن صادرات السمسم خلال الستة أشهر الأولى من العام 2022 بلغت جميعها أكثر من 314 مليون دولار أمريكي، وكمياتها 277.048 ألف طن متري.
الوضع العام
يقول الناير إن الدول إذا استمرت بسياساتها المعلنة لن يتطور الاقتصاد السوداني ولن يتقدم إلى الأمام، آملاً أنه وفي 2023 أن تعيد الدولة النظر في سياساتها لأن قطاعات الدولة جميعها تشتكي من تعقيدات عدة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والإنتاج، وضرورة إدراك خطورة الأمر وتداركه في معظم قطاعات البلاد.