آخر الأخبار

انقطاع الكهرباء.. استهداف لجبريل أم للوطن؟

كتب: سنهوري عيسى 

احتفلت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية بانقطاع التيار الكهربائي أثناء مخاطبة وزير المالية دكتور جبريل ابراهيم، لفعاليات منتدى السودان الدولي للاستثمار والتنمية المستدامة الذي انعقد بقاعة الصداقة بالخرطوم ضمن فعاليات اجتماعات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بحضور مميز من وزراء المالية واتحاد المصدرين العرب ورجال الأعمال السودانيين.
وتباينت التعليقات ما بين التهكم من وزير المالية الذي وصف في حديثه المسرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي حادثة انقطاع الكهرباء أثناء فعاليات المؤتمر الاستثماري بالفضيحة.. وعلق البعض بأن (الفضيحة) هي إخفاء حقيقة انقطاع الكهرباء عن المستثمرين، فانقطاع الكهرباء واقع يعيشه الشعب السوداني، والبعض يرى أن جبريل هو سبب المشكلة.. والبعض يتحسر على ما وصلت إليه البلاد من مهازل.. والبعض دافع عن جبريل.. بينما لم ينظر الكثيرون إلى أن انقطاع الكهرباء في اثناء انعقاد المؤتمر الاستثماري ممكن يكون بفعل فاعل.. وفيه استهداف إلى وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم في شخصه وحركة العدل والمساواة التي يتزعمها.. وإظهار الوزير كوزير مالية فاشل .. أو إفشال فعاليات المؤتمر الاستثماري الذي يعول عليه السودان في توفير ملاذ آمن لرؤوس الأموال العربية للاستثمار في السودان وتنفيذ مبادرة السودان لتأمين الغذاء العربي التي أقرتها القمة العربية التى عقدت بالجزائر مؤخرا، بعد انقطاع سلاسل إمداد الغذاء جراء الحرب الروسية الأوكرانية ولسد فجوة الغذاء العربي التي تقدر بنحو (65) مليارات دولار سنويا.
كثيرون من الذين علقوا في مواقع التواصل الاجتماعي يجهلون بأن الاستهداف ليس لجبريل إبراهيم في شخصه أو حركة العدل والمساواة، وانما الاستهداف للوطن (السودان).. بل الاستهداف بفعل فاعل ليس (هم ناس الكهرباء أو القاعة التي استضافت المؤتمر الاستثماري)، وإنما الفاعل ربما هو أجهزة المخابرات الخارجية التي أصبحت تدير الشأن السوداني بعملاء يجاهرون بعمالتهم دون استحياء ولا يفرقون بين العداء والخصومة السياسية.. وبين عداء الوطن والعمالة والاضرار بمصالح البلاد والعباد.. كما أن هناك دولاً كثيرة يههمها أن تظل موارد السودان كامنة وتسعى إلى تعطيل استغلال السودان لموارده ومن بينها دول عربية وأخرى غربية فضلاً عن إسرائيل أو ما يعرف بالمشروع الصهيوني العالمي وبالتالي الأيادي الخارجية وارد أن تعبث بأي شيء في السودان.
مشكلة انقطاع الكهرباء ليست جديدة ولا سببها جبريل إبراهيم وزير المالية أو وزراء المالية الذين سبقوه منذ الاستقلال، ولكن مشكلة انقطاع الكهرباء في حجم الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك رغم محاولات النظام السابق الذي قفز بإنتاج الكهرباء إلى أكثر من ثلاثة آلاف ميفاواط بإقامة السدود (سد مروي وأعالي عطبرة وستيت وتعلية الروصيرص وإنتاج الكهرباء من خزان جبل أولياء) وإنشاء محطات التوليد الحراري والمائي واستيراد الكهرباء من إثيوبيا وتوليد الكهرباء من الغاز بمصفاة الخرطوم للبترول (محطات قري) وإنشاء محطات توليد ضخمة بالولايات (محطة أم دباكر)، ولكن مع ذلك ظلت الفجوة قائمة بين زيادة استهلاك الكهرباء وضعف الإنتاج، ليتاكد بوضوح أن مشكلة توفير الكهرباء وتغطية الفجوة تفوق قدرة الدولة والحل في جذب الاستثمارات بقطاع الكهرباء.
ومن هنا نقول: حسناً فعل جبريل إبراهيم ، بل ونجح من خلال تنظيم المؤتمر الاستثماري بالخرطوم والمشاركة العربية الواسعة فيه لجذب الاستثمارات العربية لاستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة بالبلاد خاصة في مجال البنية التحتية من كهرباء وطرق ونقل كمدخل للاستثمار وتنفيذ مبادرة السودان لتأمين الغذاء العربي التي أقرتها قمة الجزائر مؤخرا.
أعتقد أن انقطاع الكهرباء أثناء انعقاد المؤتمر الاستثماري بغض النظر عن من كان وراءه (مخابرات خارجية او عملاء الداخل أو خطأ إداري من القاعدة التي استضافت المؤتمر، أو بفعل فاعل أو الي خطأ ما .. أو سواء أكان استهدافاً لوزير المالية.. أو استهداف للوطن) فإنه جعل قضية انقطاع الكهرباء قضية وطن وسيادة وهم مواطن وفرصة للمستثمرين العرب والقطاع الخاص لولوج الاستثمار بالبلاد، ومدخل لسن قوانين وضوابط تسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في قطاع الكهرباء وسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك للكهرباء.
نأمل أن يكون انقطاع الكهرباء مدخلا لإيجاد حل جذري للمشكلة وفرصة لجذب الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، وفرصة لكشف ألاعيب عملاء الداخل وتحركات المخابرات الخارجية وإعلاء قيم الولاء. للوطن.. والكف عن استهداف الأشخاص و استهداف الوطن، بجانب إطلاق تحقيق في الحادثة (انقطاع الكهرباء) .. هل كان بفعل فاعل من الداخل أو الخارج.. أم خطأ إداري من ادارة القاعة التى استضافت هذه الفعاليات الاقتصادية المهمة.
ولعل أهم بشرى نزفها للجميع أنه رغم ضجة انقطاع الكهرباء أثناء انعقاد المؤتمر الاستثماري، إلا أن المؤتمر حقق نجاحا ملحوظا وشهد ختامه توقيع العديد من الاتفاقيات بين اتحاد المصدرين العرب ومجلس الوحدة الاقتصادية مع عدد من الولايات والجامعات السودانية لانفاذ العديد من المشروعات خلال المرحلة القادمة، كما خلص المؤتمر إلى جملة من التوصيات والقرارات والتوقيع على العديد من الاتفاقيات، وتكوين آليات وجداول زمنية وبرنامج عمل واضح لتنفيذ المشروعات في السودان خاصة في مجال الأمن الغذائي.
ولفت المشاركون في المؤتمر إلى أهمية الاستفادة من فرص التمويل التي التزمت بها العديد من مؤسسات التمويل خلال القمة العربية التي إستضافتها الجزائر مؤخرا، والتي أجازت مبادرة الأمن الغذائي التي تقدم بها السودان للقمة، كما اثني المتحدثون في المؤتمر على التعديلات التي أدخلت على التشريعات والقوانين، خاصة قانون الاستثمار، إلى جانب فتح باب الشراكات مع المستثمرين، والتي تمنح الامتيازات للمستثمرين وتضمن تحويلات أرباحهم.
إذن نجح المؤتمر الاستثماري في تحقيق أهدافه، كما نجح جبريل في حشد الوزراء والمصدرين العرب للمشاركة فيه.. وفشل استهداف جبريل، كما فشل استهداف الوطن، وكسب الشعب السوداني بأن مشكلة الكهرباء ستحل بفضل الإرادة الوطنية وتدفق الاستثمارات العربية.

نأمل أن يستفد رواد مواقع التواصل الاجتماعي من هذه الحادثة (انقطاع الكهرباء) في التركيز على الدقة والموضوعية وشرف وأمانة الكلمة والمهنة وحسن الظن في الآخرين وتعظيم الانتماء للوطن والبعد عن شخصنة القضايا والتهكم على الآخرين.

اللهم هل بلغت فاشهد

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.