الجميل الفاضل يكتب:
ليس من قبيل الصدفة، أن يصل إلى أرض البلاد اليوم، ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي.
عراب اتفاق “إعلان المبادئ” المثير للجدل، الذي وُقَّعَ بجوبا في العام قبل الماضي، بين الجنرال برهان والقائد عبدالعزيز الحلو.
وصاحب الدور المفتاحي في الترتيب لزيارة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك إلى “كاودا” معقل الحركة الشعبية شمال في العام ٢٠٢٠.
وتجيء زيارة الأمريكي بيزلي للسودان، فيما غادر الخرطوم قبل نحو أربعة أيام فقط، وفد رفيع المستوى، ضم ستة مبعوثين دوليين كبار.
وقبل وصول وفد من خفر السواحل الأميركيّ إلى السودان الأحد المُقبل، للتعرُّف على مدى تنفيذ متطلّبات التدقيق البحريّ الإجباري، وزيارة موانئ البلاد، وعقد لقاءاتٍ مع الجهات ذات الصلة.
وبالطبع فإن بيزلي الذي يتمتع بخلفية سياسية كبيرة، من واقع تجربته كعضو سابق بالكونغرس الأمريكي، وكحاكم لولاية “كارولينا الجنوبية”، لم يعرف عنه التقيد بحدود دوره كموظف أممي وكمدير لبرنامج الغذاء العالمي.
ولعل أسطع مثال لاقتحامات بيزلي في ملعب السياسة، ما أوردته مجلة “فورين بوليسي” في وقت سابق من أن بيزلي كان من المفترض ان يزور الخرطوم في ٣٠ أكتوبر من العام ٢٠٢١، في مهمة دبلوماسية بعد خمسة أيام فقط من الانقلاب، تهدف لدفع قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، للتفاوض مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك المحتجز رهن الإقامة الجبرية..
وقالت المجلة إن الرحلة ألغيت آنذاك فجأة بعد أن علم الممثل الخاص للأمم المتحدة في الخرطوم، فولكر بيرتيس، بهذه المبادرة، التي لم توافق عليها الأمم المتحدة، ولم ينسق بشأنها مع الدول الغربية، فطلب من بيزلي تأجيل خطط سفره.
وأشارت المجلة إلى أن اقتراح بيزلي تعارض مع مطالب قادة المعارضة في السودان، الذين دعوا إلى استعادة الحكم المدني قبل إجراء أي مفاوضات مع الجيش، واستبعاد قادة الانقلاب في السودان من المشاركة في الحكومة المستقبلية.
وقال جوناس هورنر، كبير محللي شؤون السودان في مجموعة الأزمات الدولية، إن “محاولة مدير برنامج الغذاء العالمي لهندسة تسوية تفاوضية في السودان، نظر إليها على نطاق واسع في ذلك الوقت على أنها مقيدة ومدمرة لتحركات المجتمع الدولي والأمم المتحدة”.
وأشار أشخاص مطلعون إلى أن مشاركة بيزلي أعاقت الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الرئيس الأميركي جو بايدن، للتفاوض على حل للأزمة.
وقال مصدر دبلوماسي مطلع للمجلة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: “إن تحركات بيزلي أثرت سلبيا في الدبلوماسية الأميركية من خلال تقديم وسيط أو محاور جديدة”.
وأعرب العديد من الدبلوماسيين المطلعين على الوضع عن قلقهم من أنشطة بيزلي، وأكدوا أنها تضعف حملة الضغط على المكون العسكري.
وأشاروا إلى أنها شجعت الجيش على الاعتقاد بأنه يمكنه الحصول على صفقة أفضل من خلال بيزلي.
أما اليوم ومع قرب الوصول إلى اتفاق نهائي من خلال العملية السياسية الجارية حاليا في مرحلتها النهائية،
ترى ما الذي يمكن أن تحمله زيارة مدير برنامج الغذاء العالمي المثير للجدل الذي يعتقد ان تحركاته السابقة كادت أن تعيق جهود إدارة بايدن بالسودان التي كانت تجري بالتنسيق مع بعثة اليونتامس، فضلا عن اعتقاد ترسخ سابقا في أن تحركات بيزلي ربما انعشت آمال الانقلابيين حينها في الحصول على صفقة أفضل عن طريقه؟