آخر الأخبار

كساد أسواق السودان.. خسائر بمليارات الجنيهات

الخرطوم ـ أسامة محمد عثمان

لليوم الثاني على التوالي يعود شرف الدين صاحب الـ42 عاما للمنزل دون بيع أي قطعة من متجره المتخصص في الملابس النسائية الجاهزة بسبب الكساد، وهذه الظاهرة “عدم البيع لمدة يومين” لم يشهدها خلال الـ10 أعوام التي قضاها في السوق.

شرف هو أب لثلاثة أطفال، يقع متجره بسوق أمدرمان، أحد أكبر أسواق العاصمة الخرطوم، وأكثرها حركة، ولكن حركة البيع في الأشهر الماضية أصبحت بطيئة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها السودان.

شرف الدين يقول لـ(سلانيوز ): “أصبح دخول الزبائن المحلات نادراً في هذه الأيام، ونحن نشهد موجة كبيرة من العزوف عن الشراء، أثرت في أوضاعنا المعيشية“.

ويضيف: ”علينا مسؤوليات وإعالة، كما أن الإيجارات والمحلية (الجبايات والضرائب) لا ترحم“.

ويتابع القول: “أصبحنا نقف خارج الدكاكين والمعارض وندعو الزبائن المارين خلال السوق بالتفضل والنظر للبضائع، آملين أن يشتروا منا“.

ويختتم حديثة: “أصبحنا نأكل من سنامنا، (إشارة منه لرأس المال)”، ويتمنى أن ينصلح الحال في قادم الأيام.

ومن خلال زيارتي لسوق أمدرمان كان الهدوء غير المعهود هو الطابع العام للسوق، وخلوه من المشترين إلا القليل منهم.

التحول الرهيب الذي طرأ على سوق أمدرمان من حيث الشكل وقلة الازدحام، يخبرك إلى أي مدى وصل الكساد في السوق الأكبر في السودان.

جلوس الباعة خارج دكاكينهم وهم يحدقون لبعضهم البعض. الباعة المتجولون لم يعودوا يتجولون كما كانوا يدبون مثل النمل.. الفرّيشة ينظرون لبضائعهم الكاسدة وفي أعينهم انكسار وحسرة، وحتى طنين مكبرات الصوت خفت وكادت تنحسر .

ومن الملاحظ أيضاً تكدس سيارات الموصلات في صفوف طويلة، وخالية من الركاب، وفي الجهة المقابلة تقبع شاحنات ترحيل البضائع بلا حراك كأنها لم تتحرك منذ سنين عددا.

وبحسب خبراء ومراقبين اقتصاديين تقدر خسائر سوق أم درمان بمليارات الجنيهات بسبب الكساد المستشري في السوق.

ويرى الخبراء أن مشكلة (الكساد التضخمي) كما يسميها دكتور الاقتصاد بجامعة وادي النيل د.عمر ياسين، سببه ارتفاع معدل التضخم في القيمة الرقمية للعملة السودانية مقابل القيمة الفعلية للجنيه، مما يسبب إحجام المواطنين عن السلع الكمالية وضعف الطلب نسبة لضعف السيولة.

ويقول ياسين لـ(سلانيوز) :”إن تباين المرتبات والمداخيل وتوقف الأعمال مثل (البناء) بسبب العزوف عن شراء مواد البناء والكهرباء السباكة، هي أحد أسباب الكساد”.

سياسات الدولة الأخيرة في زيادة معدلات الضريبة التى فرضها وزير المالية الحالة (جبريل إبراهيم) لها دور كبير في زيادة أسعار السلع الأساسية والكمالية على حد سواء.
ويقول دكتور ياسين في هذا الأمر :”إن الزيادة في معدل الضريبة سلاح ذو حدين ، قد يقلل من التضخم أو قد يسبب الكساد في الأسواق ، وفي هذه الحالة كان له دور كبير في الكساد (الطاغي) بجانب حالة التضخم التى تظلت مستمرة لأكثر من عامين”.

ويضيف: “ارتفاع اسعار السلع الضرورية، وتوقف عمليات البيع والشراء، تسبب في إعاقة الحركة الإنتاجية بشكل عام في البلاد، مما دفع بعض التجار لإغلاق دكاكينهم وهاجروا للخارج، مما سيعود على البلاد بصورة عكسية، حيث سيرتفع الطلب على العملات الأجنبية في بلد يعاني من نقص في النقد الأجنبي”.

الأوضاع السياسية غير المستقرة في البلاد منذ الانقلاب الذي نفذه قادة الجيش أواخر العام 2021 أدت أيضا تبعاتها لعدم الاستقرار الاقتصادي ويعلق ياسين على هذه الجزئية.

ويقول: “إغلاق الطرق الرئيسة بسبب المظاهرات يعرقل العملية التنموية والاقتصادية بشكل عام ، وتمنع التجار والمشترين من الوصول للأسواق خوفا من التخريب نسبة لانعدام الأمن مما يجعله سبباً رئيسياً للكساد”.

وعلى الرغم من الكساد يعتقد البعض أن الأسعار لم تنخفض في الأسواق، كما ترى ناهد أوشي وهي صحفية متخصصة في الاقتصاد وتقول لـ(سلانيوز): “الكساد ليس لديه أثر واضح في انخفاض الأسعار، بل وترى أن أسعار السلع الاساسية في زيادة مستمرة يومياً”.

وتردف أوشي: “انخفاض بعض الأسعار ليس بسبب الكساد، فمثلاً الطماطم انخفض سعره لأن هذا موسمه، وعلى الرغم من كمية الطلب العالية عليه إلا أن العرض أكبر من الطلب، بينما إذا نظرت إلى زيوت الطعام ستجد سعرها قد ارتفع رغم قلة الطلب”.

وتضيف أوشي: “ربما يقوم البعض بخفض سعر منتجاته، ولكن ذلك لا يعرضهم للخسارة بسبب أن معظم البضائع مخزنة ، بينما يقوم قلة منهم بخفض السعر بسبب التزاماتهم ومنصرفاتهم”.

وترى الصحفية ناهد أوشي أن الخروج من الوضع الحالى يكمن في الإنتاج والعمل، وأن لا بد للدولة اتباع سياسات تشجيعية للمنتجين وكما يجب توفير أجور مجزية للعمال والموظفين في جميع القطاعات.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.