آخر الأخبار

السودان .. حوادث الموانئ بين الإهمال والتنافس الإقليمي

 

الخرطوم – بشير النور

ربط مهتمون زيادة حوادث غرق واصطدام السفن والحرائق بالموانئ السودانية الفترة الأخيرة ما بين “الإهمال”، والتنافس الإقليمي والدولي على الموانئ، متناولين حلقات مشابهة بكثرة حرائق نخيل التمور بالولاية الشمالية والأقطان بالجزيرة.

وفي أوقات متقاربة شهدت الموانئ السودانية العديد من الحوادث آخرها غرق سفينة محملة بنحو 16 ألف رأس من الماشية، تلاها بأيام اصطدام سفينتين ناقلتي نفط وبضائع، ثم اصطدام سفينة أخرى بصخرة داخل الشاطئ، وقبلها اندلع في مايو/ أيار الماضي حريق في بضائع في ميناء سواكن التاريخي.

وقبل 5 سنوات تعطلت مروحيات إحدى السفن ونفق 50 في المائة من الماشية، وبعد وصولها ميناء جدة بالسعودية أُرجعت للسودان ونفق 90 في المائة من حمولتها.

الملاك الأجانب

وقال مصدر موثوق بهيئة الموانئ البحرية لـ”سلا نيوز”، إن أغلب السفن (قديمة) وملاكها من أجانب ولا توجد بينها سفينة واحدة وطنية، وأي سفينة قادمة للميناء أو خارجة تقوم إدارة الرقابة البحرية بإجراءات تتعلق بشروط المعايير العالمية، وهي أن تكون السفينة لها شهادة صلاحية، وبها كل تفاصيل تاريخ ومكان تصنيعها ومستوى حمولتها. ووصف المصدر حوادث السفن بأنها عادية، لكنها تزامنت خلال الـ 6 أشهر الأخيرة، مما طرح العديد من التساؤلات حولها، وقال إن السفن إذا كانت غير مستوفية للشروط العالمية فلن يسمح لها التحرك أو الرسو في موانئ الدول.

وأشار المصدر إلى مناهضة العمالة المحلية بولاية البحر الأحمر (الكلَّات) لقرار المطالبة باستجلاب البضائع داخل حاويات بدلاً عن (الطبالي)، لأن الحاويات تؤثر في دخلهم اليومي إضافة طوابق الباخرة.

ميناء عثمان دقنة

وأكد بيان لإعلام هيئة الموانئ البحرية تلقته “سلا نيوز” أن الباخرة (بدر 1) على المربط رقم (7) بميناء الأمير عثمان دقنة بسواكن غرقت بالمربط وعلى متنها (15857) رأساً من صادرات الضأن.

وأوضح البيان أن مسؤول خطة تأمين الموانئ الكابتن محمد عبد الحفيظ، أشار إلى أن الباخرة البدري بعد أن طلبت المغادرة والإذن بالإبحار، وبعد اكتمال إجراءات السفينة لاحظ المرشد ميلانها بمقدار 30 درجة ناحية اليمين، وعند وصولها الرصيف بلغ الميلان 45 درجة، وقد فشلت كل محاولات الإنقاذ وغرقت الباخرة في الرصيف، وتم إنقاذ الطاقم وجميع الركاب.

وذكر  أن الباخرة كان اسمها (ملاك) وتم بيعها لمالك (عماني) وتعديلها بإضافة (طوابق) إليها.

الرقابة البحرية

إلى ذلك، أوضح مدير إدارة الرقابة البحرية بهيئة الموانئ البحرية، الكابتن إسلام بابكر أبودرق، أنهم تأكدوا من صلاحية الباخرة وشهادات الطاقم بعد أن رست السفينة بالميناء في العاشر من يونيو/ حزيران الجاري، وبدأت الشحن مساء اليوم التالي، وبعد الشحن بدأت في الميلان. ورجح مدير الرقابة أن تعود أسباب الغرق إلى الحمولة الزائدة أو سوء توزيع البضائع داخل الباخرة.

وتابع “ربما يكون السبب (قاهراً وخارجاً) عن الإرادة”، إلا أنه أكد أن التحقيق ونزول الغطاسين للمياه سيبيِّن إذا ما كان هناك شرخ في الجانب الأيمن أم لا. وأكد أن الموانئ قامت بكل ما يليها من مسؤوليات، ولا مسؤولية مباشرة لها تجاه الحادثة

 

تصدير الأزمات

بدوره، قال المتخصص في إدارة الأزمات اللواء  دكتور أمين إسماعيل مجذوب، الخبير الاستراتيجي، لـ”سلا نيوز”، إن زيادة الحوادث في الموانئ السودانية، يعد دليلاً على وجود إهمال في المقام الأول، وثانياً “دليل على من يريد يصدر الأزمات للسودان، ومن يريد أن يعطي انطباعاً بأن هناك فشلاً في إدارة الموانئ السودانية”.

جنسيات أجنبية

واتهم إسماعيل، مباشرة جهات إقليمية بأنها تتنافس على إدارة الموانئ السودانية، الأمر الذي وضح الشهور الماضية بتقدم جهات إقليمية لتأجير الموانئ في السودان أو حتى للوجود فيها كشريك. وتابع: “بالتالي لو لاحظنا أن هذه الحوادث كلها بها جنسيات (أجنبية) منها غرق الباخرة التي تحمل المواشي، واصطدام باخرة ببعض المعدات الأرضية الموجودة البحرية، أيضاً الحريق الذي حدث من باخرة عائدة من اليمن، تزامناً مع هبوط القوات السودانية العائدة من اليمن”.

وأضاف،”مجمل هذه الأحداث تحتاج لإدارة أزمة ووجود خلية من الموانئ البحرية والأجهزة الأمنية للتقصي ما وراء هذه الحوادث، وهي أشبه بالحرائق التي حدثت بمناطق زراعة الأقطان في ولاية الجزيرة وفي مناطق زراعة التمور في الولاية الشمالية مع وجود الشركات الأجنبية الخاصة بشتول التمور”. وتابع: “إذن، نحن أمام أزمة مصدرة من جهات إقليمية لها مصالح في السودان”. تدخل أمريكا

وأوضح إسماعيل، أن ساحل البحر الأحمر يشهد تنافساً إقليمياً ودولياً للفوز بقواعد أو مراكز لوجستية في شاطي البحر الأحمر. وقال: “نعلم أن روسيا كانت قد تقدمت بطلب للسودان لإنشاء قاعدة، وتدخلت أمريكا حتى تم تأجيل الطلب لحين إجازته من البرلمان أو المجلس التشريعي، ولكن الآن ازداد التنافس بعد الحرب الروسية الأوكرانية للحصول على موطئ قدم”.

حصانة للسودان

وأشار إسماعيل إلى قيام دول الإقليم المشاطئة لسواحل البحر الأحمر بمناورات عسكرية بحرية قبل أسبوع، وفي يناير من العام الجاري تم توقيع اتفاقية أمنية بقيادة المملكة العربية السعودية بين الدول المتشاطئة على البحر الأحمر، هدفها الحفاظ على البحيرة كبحرية عربية ومنع الوجود الأجنبي، إذا السودان أصبح الآن شريكاً في المحافظة على ساحل البحر الأحمر دون المساس بالسيادة السودانية. وزاد: “لذلك هذا التنافس والاتفاقيات الخاصة بتأمين البحر الأحمر شكّلت حصانة للسودان من الانزلاق في التنافس الدولي الموجود علي المنطقة”.

أعطال الباخرة

ودعا رئيس الغرفة القومية للمصدرين في السودان، خالد المقبول، في مؤتمر صحفي الست الماضي، إلى وضع ضوابط لحركة البواخر لنقل المواشي في ظل غياب الناقل الوطنيّ، مؤكداً أهمية تأجير البواخر بمواصفات ومعايير السلامة. وقال المقبول إن الباخرة المنكوبة بها أعطال سبق وأن تمت صيانتها بقناة السويس.

من جانبه، قال الأمين العام للغرفة القومية للمصدرين، مأمون قيلي، إنه لا توجد أي معدات إنقاذ في ميناء سواكن، وهي حالة أقل من عادية. وأشار إلى أن ميناء بورتسودان يضم عدة موانئ متخصصة هي: الميناء الجنوبي وهو مخصص للحاويات، والميناء الشمالي ويستخدم منفذاً رئيساً لاستيراد السلع الاستراتيجية مثل الوقود والقمح والسكر، وميناء بشائر الخاص بعمليات تصدير نفط دولة جنوب السودان، وميناء سواكن وهو مخصص لنقل المسافرين وصادرات الماشية.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.