آخر الأخبار

عيد البنات في الخرطوم

الخرطوم: هديل عماد الدين 

ما بين أشندا في إقليم تغراي، وأشنديي في أقليم أمهرة بدولة إثيوبيا، تختلف الأسماء والفعالية واحدة، عيد البنات. هذه الفعالية التراثية السنوية التي تنتظرها الفتيات كل عام للتعبير عن فرحهم بقدومها كلُ بطرقته الخاصة.

لوحة

تخرج الفتيات من بيوتهن باكرا كل عام في هذا اليوم لينظمن تجمعات راقصة في الأحياء والطرقات، تعبيرا عن فرحتهن ببلوغ سن الزواج، حيث تتضمن رقصاتهن

أغاني شعبية نابعة من ثقافتهن المحلية، حيث تعد ثقافة التغراي من أهم الثقافات القديمة في إثيوبيا.

مثل يوم الجمعة الموافق 26 من شهر أغسطس، لوحة من الفرحة عند أهل إقليم التغراي، تلك الفرحة التي تمثلت في يوم خاص بنكهة نسائية يشارك فيها كل مجتمع التغراي بشكل خاص، وبقية المجتمعات المحلية كنوع من التضامن المميز الذي يعكس أصالة القارة السمراء، عيد البنات تلك الفعالية المهمة عند أهالي ذاك الإقليم والتي ظهرت من خلال تشكيلة من الفرح والألوان التي أنعكست بشكل مبهج على كل الحضور، حيث كان الجو مليئاً بالأغنيات والأهازيج التي تعكس حجم السعادة التي تمثل جمال هذا اليوم.

يقع إقليم تيغراي شمال إثيوبيا وهو إقليم يتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي كبير في تاريخ إثيوبيا، حيث يعد الإقليم الغني بالزراعة أحد الواجهات السياحية المهمة في البلاد، كما يضم مراكز تاريخية ودينية مصنفة على قائمة التراث العالمي.

في خريف عام 2020 أي ما يقارب العامين من الآن شهد إقليم تغراي نزاعات دموية مع الحكومة المركزية في أديس أبابا، وما تزال أزمة الإقليم مستمرة، في وقت يتدفق فيه المزيد من اللاجئين إلى السودان، حيث تعد الجالية الإثيوبية واحدة من أكبر الجاليات في السودان التي يقدر عددها بأكثر من 3 ملايين شخص معظمهم من التغراي والأروميو والأمهرة.

ملكات بلاد الشمال

فستان أبيض مزركش، وخيوط في القطن الأصفر والأحمر المفتولة فوق رؤسهن، وتلك الزينة العشبية على خصورهن، بزينة تكاد تكون مبهرة هكذا كانت نساء وفتيات التغراي في أمسيت عيدهن الخاص أشاندا.

تقول إحدى المشاركات في الفعالية إنها برغم أنها متزوجة إلا أنها ما زالت تسعد بارتداء الملابس التقليدية والمشاركة في الفعالية باعتبارها واحدة من نساء أقليم تغراي، خصوصاً وأنها اعتادت على الاحتفال به في الخرطوم بحكم نشأتها فيها.

أصبحت هذه الفعالية لا تقتصر على الفتيات في إقليم تغراي، ولكن النساء في إقليم أمهرة يحتفلن به بطريقتهن الخاصة، حيث يسمى عندهن أشنديي والذي يعني العشب الأخضر، هذا الحزام العشبي الذي تتزين به كل النساء كرمزية لهذا اليوم، والذي أصبح الآن عيداً لمختلف الولايات في البلاد وليس الإقليم الشمالي فقط، بعد أن انضمت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا إلى ركب الاحتفال قبل عامين في محاولة لتعزيز الوحدة وتجاوز الخلافات العرقية التي شهدتها حدود الإقليم.

يأتي هذا الاحتفال السنوي بعد صيام يدوم 15 يوماً عن اللحوم ومنتجات الألبان اتباعاً للكنيسة الأرثوذكسية، في عدة ولايات في البلاد. وقرب حلول رأس السنة الإثيوبية الذي يتأخر عن السنة الميلادية بحسب التقويم الإثيوبي بأكثر من سبعة أعوام.

يوم في الذاكرة

بألوان تزدان بالأصفر والأحمر، وبرقصات وأغنيات شعبية ومحلية هكذا كان أشندا يوماً ثقافياً وتراثياً يجمع كل إقليم التغراي في لوحته معبرة عن السلام والوحدة، وبرغم النزاعات التي دامت لأكثر من عامين لا تزال نساء التغراي يحتفلن بقدوم يومهن برغم ألم الاغتراب عن الوطن، هكذا هي الثقافة الأفريقية، وهكذا يحتفلن نساء التغراي في الخرطوم.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.