آخر الأخبار

“الحلو مر”.. من استطاع إليه سبيلا

غياب بأمر الظروف الاقتصادية

 

الخرطوم – محاسن أحمد عبدالله

من قديم الزمان تميزت المائدة الرمضانية السودانية بوجود المشروب الأشهر (الحلو مر) الذي يعد من المشروبات الأساسية لمذاقه اللذيذ والجميل، بجانب بعض العصائر الأخرى التي توضع على المائدة الرمضانية، حيث تقوم ربات البيوت بإعداده قبل حلول شهر رمضان بوقت كاف، الأمر الذي يجعل رائحته الجميلة تغمر المكان وتشارك في مرحلة (العواسة) عدد من نساء الحي والجارات اللائي يجتمعن كل مرة في منزل إحداهن لتكون جلسة أنس وسمر مع احتساء القهوة حتى الانتهاء من إعداده ليتم الانتقال لإحداهن لمشاركتها (العواسة) حسب الجدول المقسم بينهن.

عادة تلاشت
كان يتم إعداد (الحلو مر) بكميات كبيرة الغرض من ذلك كان لتوزيع جزء منه للجيران والأهل والمغتربين الذي يترغبونه بفارغ الصبر، وهي عادة سودانية قديمة إلا أنها بدأت في التلاشي بسبب عوامل عدة.
كذلك تقوم عدد من النسوة بتجهيزه بكميات كبيرة بغرض بيعه باعتباره تجارة موسمية رابحة لهن يقمن من خلالها بتلبية طلبات لخارج السودان.

تكاليف باهظة
اضطرت كثير من الأسر السودانية الاستغناء عن إعداد وتجهيز المشروب الرمضاني الشهير (الحلو)، وذلك بسبب التكاليف والأسعار المرتفعة التي تتمثل في غلاء (الذرة) الذي تصنع منه (الزريعة)، وهي إساسية في صنع (الحلو مر) بالإضافة إلى غلاء البهارات التي قفزت أسعارها عاليا، وهي تستخدم لإعداد المشروب مثل (الكركدي، العرديب، العجوة، الكسبرة، الكمون ، الجنزبيل،…الخ)، بجانب الوقود الذي يستخدم سواء أكان (حطبا أو فحما).

استغناء بسبب الأسعار
أبدت العاملة بأحد مصانع البسكويت فاطمة الحسين حسرتها الكبيرة بسبب عدم مقدرتها هذا العام من تجهيز مشروب (الحلو مر) قائلة لـ (سلا نيوز): “الظروف المادية السيئة اتعبتنا شديد كل حاجة غالية عشان إشتري كيلة ذرة محتاجة مبلغ وقدره بالاضافة لسعر الرطل الواحد من البهار مابين ٥٠٠ إلى ١٠٠٠ جنيه، عشان كده قررت إني ما أعوس الآبري السنة دي واكتفي بالعصائر الطبيعية بالرغم من أهميته لكن الظروف حكمت”.

وضع مادي بائس
اتفقت معها في ذات الرأي، ربة المنزل حليمة مصطفىن وأضافت: “هذا هو رمضان الثالث الذي استغنيت فيه مضطرة عن إعداد (الحلو مر) لأنه مكلف للغاية في ظل وضع اقتصادي بائس لا يبشر بخير، والأفضل توفير تكاليف إعداده العالية لمبلغ بسيط لشراء الضروريات مثل السكر والزيت والعرديب والكركدي والبلح والعدسية فهم أكثر أهمية”.
تراجع الطلبيات
من جانبها، أكدت ربة المنزل مها سعيد انها لم تتغيب عن إعداد الحلو مر، فهو بمثابة تجارة لها تقوم ببيعه بكميات كبيرة لزبائنها المعتمدين لمواجهة احتياجاتها وأطفالها، موضحة “لكن حاليا بأمر الظروف الاقتصادية تراجعت الطلبات عليه بصورة كبيرة بعد أن قمنا برفع سعر (الطرقة ) الواحدة إلى ٣٠٠ جنيه نسبة لغلاء المواد، وما نشاهده الآن من ارتفاع مبالغ في الأسعار بالأسواق، سيجعلنا نتوقف رمضان القادم من إعداده نهائيا لأننا سنخسر”.

شكوى المغتربين
شكا عدد من المغتربين بدول مختلف من غياب طرود الحلو مر التي كانت تصلهم بكميات كبيرة من أهاليهم وذويهم من السودان بسبب الظروف الاقتصادية، موضحين لـ (سلا نيوز) بأنهم يشعرون بمعاناة أهلهم في السودان بسبب الظروف المادية السيئة التي تمر بالبلاد عامة وأن ما يرسلونه لأهاليهم من مبالغ لا تكاد تكفي احتياجاتهم اليومية في ظل الغلاء المتسارع، أكد بعضهم بأنهم سيقمون بشرائه من الأسواق، حيث البلاد التي يوجودون فيها، ولكن لايشعرون بطعم رمضان إلا بوجود الحلو مر الذي يرسل لهم من أهاليهم في السودان لأن له نكهة خاصة ومذاق مختلف،حسب قولهم.

شاركها على
اقرأ أيضًا
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.